اخر الاخبار

13‏/12‏/2011

من أسرار أيام الثورة لماذا رفض الشريف حل مجلس الشعب؟ بقلم صلاح منتصر

كان يوم الأربعاء ٢ فبراير، الذى شهد موقعة الجمل، يوما فاصلا فى تاريخ أحداث الثورة، فقد سبقه خطاب لحسنى مبارك دغدغ فيه مشاعر المصريين وكسب إلى جانبه نسبة من عواطفهم، لكن بعد رؤية أحداث موقعة الجمل التى نقلتها القنوات الفضائية على الهواء توحد رأى الغالبية وأصبحوا ضد مبارك. وقد كان طبيعيا أن تتدخل قوات الجيش الموجودة فى ميدان التحرير وتقف إلى جانب شباب الميدان والدفاع عنهم ضد الهجوم الذى تعرضوا له وهو ما لم يحدث. وكما شرح لى أحد المسؤولين العسكريين فقد كان هذا التدخل من الجيش حلم الذين رتبوا موقعة الجمل. ذلك أن الموقعة جاءت فى اليوم التالى مباشرة لأول بيان أصدرته القوات المسلحة تعلن فيه تعهدها بعدم استعمال العنف مع الشعب. وكان تدخل الجيش فى ميدان التحرير يعنى خرق ما تعهد به. يضاف إلى ذلك أنه لم يكن ممكنا وسط حالة الخلط التى سادت المكان- كما قال المسؤول العسكرى- فرز المعارضين من المؤيدين، فالاثنان يرتديان ملابس واحدة. وعلى عكس الأسلحة التى تستخدمها الشرطة وإصاباتها فردية ومحدودة فإن ما يحمله جندى الجيش هو البندقية الآلية التى إذا أطلقها يمكن أن تسقط العشرات دون تفرقة.

 وحتى لو قام الجيش باستخدام النيران فى الهواء على سبيل التهديد أو التخويف، فإن نوعية السلاح التى يستخدمها وحجم النيران التى سيطلقها أفراده فى الهواء سيكون لها رد فعل بالغ القوة فى التخويف يؤدى إلى تدافع تلقائى للمتظاهرين فى الميدان والطرق المؤدية إليه يمكن، بل حتما سيؤدى إلى ضحايا يسقطون تحت الأقدام نساء وصغارا وكبارا قد يفوق عددهم ضحايا إطلاق النار عليهم. وهكذا فإن تدخل القوات المسلحة كان سيؤدى إلى ارتفاع كبير فى عدد الضحايا، وفى النهاية أياً كانت النتيجة سيتهم الجيش بقتل المواطنين، وقد ينتهز مبارك الفرصة ويخرج مطالباً التحقيق مع الذين ارتكبوا هذا العمل وتضيع ثورة الشعب! ولهذا وكما أكد لى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة «كان ضبط النفس أهم وأصعب سلاح واجهنا به أصعب المواقف، ولو عادت الأيام- قال لى المسؤول مؤكدا- وتكررت أحداث موقعة الجمل ما تغير الموقف الذى اتخذته القوات المسلحة فى هذا اليوم لصالح الثورة والقوات المسلحة».

انتهت معركة الجمل يوم الأربعاء ٢ فبراير وإذا بتزايد التأييد الشعبى لميدان التحرير، فدعا مبارك إلى اجتماع يوم الخميس ٣ فبراير وكان أهم اقتراح معروض لمحاولة امتصاص غضب الشعب حل البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى. وقد أيد فتحى سرور وممدوح مرعى حل مجلس الشعب، أما مجلس الشورى فرئى تأجيل حله.

وتعجل فتحى سرور صدور قرار حل المجلس وأجرى اتصالا تليفونياً مع سامى مهران أمين مجلس الشعب أبلغه فيه أن يستعد لصدور قرار فى ذلك اليوم لحل مجلس الشعب، وبدوره اتصل سامى مهران بأمين مجلس الشورى المستشار فرج الدرى، وأبلغه أن قراراً سيصدر بحل مجلس الشعب، وسأل فرج الدرى عن مجلس الشورى فأجابه سامى مهران بأن القرار مقصور على الشعب. إلا أن الاجتماع انتهى دون صدور أى قرار يمس البرلمان، وقال صفوت الشريف لبعض معاونيه متفاخراً إنه بالفعل كان هناك قرار بالحل على وشك الصدور ولكنه استطاع أن يوقفه. وبالفعل فقد عارض صفوت الشريف وأحمد عز بقوة القرار بحجة أن إجراء انتخابات جديدة للمجلس خلال ٦٠ يوماً كما يقضى الدستور لن تضمن للحزب الوطنى أغلبية مثل التى حصل عليها فى انتخابات نوفمبر/ ديسمبر٢٠١٠!

كان وهم التوريث مازال مسيطرا ويتطلع إلى الأغلبية البرلمانية التى تحققه، لكن غير ذلك فى رأيى فإن حل مجلس الشعب كان سيعرض صفوت وعز، وهما المهندسان المسؤولان عن إدارة معركته والنتائج الفاضحة التى انتهى إليها، لحملة شديدة من الهجوم داخل الحزب تهز مكانتهما فيه، فكان ضروريا تغليب المصلحة الشخصية على أى حسابات أخرى! (من كتابى الجديد: الصعود والسقوط.. من المنصة إلى المحكمة. إصدار «المصرى اليوم» توزيع مكتبات الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق