اخر الاخبار

20‏/12‏/2011

الفضائيات الدينية المتوحشة بقلم: فايز فرح

نتشرت في السنوات الأخيرة عشرات الفضائيات الدينية‏,‏ ونحن نرحب بهذه الفضائيات إذا كان هدفها نشر الإيمان‏,‏ والدعوة إلي التمسك بكل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية التي تحافظ علي سلامة الإنسان‏,‏ وحبه واحترامه للآخر مهما اختلف معه في الدين أو اللغة أو اللون‏.‏
فالدين ـ أي دين ـ هو دعوة للإيمان بالله, وبالعيش في سلام مع الآخر, ذلك لأن فلسفة الأديان واحدة, أما لماذا فلسفة الأديان كلها واحدة؟ فلسبب واحد واضح, هو أن صاحبها ومرسلها هو واحد أحد, هو الله الخالق العظيم الرحمن الرحيم.. أب كل البشر.
من هنا فنحن ننتظر من أي فضائية دينية جديدة أن تسهم في دعوة جميع المؤمنين لزيادة إيمانهم, ودفعهم للتمسك بالقيم الدينية التي تسعد الإنسانية, وتحقق لها السلام والأمن والرخاء, أما أن تأتي هذه الفضائيات الدينية لتشعل نار التعصب, وتهاجم أصحاب الديانات الأخري, وتحقر منهم, وتتهكم عليهم, وعلي معتقداتهم, فهذه جريمة لا تغتفر في حق الدين نفسه, لأن أي دين هو مجموعة من القواعد التي تهدي الإنسان وترشده إلي سبيل الرشاد, والفوز بالحياة الكريمة الآمنة النقية, في الدنيا والآخرة, ورجل الدين الحقيقي يدعو إلي الخير والحب والسلام, ولا يدعو إلي الحقد والكراهية والبغضاء, والمتدين الحقيقي في أي دين هو من يحترم الناس جميعا, ويسعي لمصلحتهم, ويسرع إلي خدمتهم, ولا نجد نصا في الكتب السماوية يدعو إلي كراهية المسالمين, أو قتل الأبرياء, أو الهجوم والتهكم علي أصحاب الديانات الأخري, بل إن الأديان السماوية تدعو إلي الحب, وتبادل المنفعة, واحترام الآخر: لكم دينكم ولي دين, ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة, والمسلم من أمن الناس من يده ولسانه.. وهكذا.
أما الهجوم علي معتقدات الغير, والتحقير من دين الآخر, فهذا ضد مبادئ أي دين, لأن من شأن ذلك الدعوة إلي كراهية الآخر وتحقيره ومعاداته, والدين يهدف إلي عكس ذلك, وقد انبرت الفضائيات الدينية المهاجمة للأديان الأخري في توحش, خروجا علي كل القيم, في سفالة لا حد لها ولا أصول ولا احترام, وأقل ما تقوله هذه الفضائيات المتوحشة في دعوتها: إن الغير كافر, وهذا القول في حد ذاته لا يحق لأي إنسان أن يتهم به إنسانا آخر, لأنك لا تعلم ما في قلب الآخرين, ولا درجة إيمانهم, ولا حقيقة علاقاتهم بالله عز وجل.
كاتب هذه السطور يشعر بحزن عميق عما آل إليه بعض رجال الدين من ترك الدعوة إلي الإيمان بالله, والتمسك بكل القيم الدينية والإنسانية الجميلة الرائعة, التي تبني وتشيد وتعمر وتنشر الخير والمحبة بين البشر عامة, وبين المواطنين خاصة, والاتجاه إلي عكس رسالة الدين في القتل والتدمير والتحقير.
دعونا نتحدث بصراحة: بماذا يشعر الشباب الصغير الذي مازال في دور التكوين عندما يشاهد ويسمع هراءات هذه الفضائيات الدينية المتوحشة في هجومها علي الآخر, وتسفيه اعتقاده؟ أقل القليل سيكون عدم احترام الشباب لغيره, وللآخرين, وسنوجد روحا تعصبية غير موجودة, بل سنقدم للشباب جرعات من مصل التعصب حتي يصاب بهذا المرض اللعين, وستكون النتيجة أن يكره المصريون بعضهم, وأن ينقسموا علي أنفسهم, ويتعاركوا مع بعضهم, وسندمر بلدنا بأيدينا. إنها دعوات للفرقة والكراهية والبغضاء والتحطيم, ولن تقوم لنا قومة بعد ذلك!
إنني أطالب المسئولين بأن يقدموا كل من تسول له نفسه من رجال الدين المسيحي والإسلامي وغيرهم, بأن يقدم دعوات تعصبية, أو فضائيات دينية متعصبة إلي القضاء السريع, والمحاكمة الفورية حتي ننقذ مصر بلدنا العزيز, صاحب أقدم حضارة في التاريخ.يجب أن يهب المجتمع كله ويقف وقفة واحدة ضد هذا السرطان الذي ينخر في جسم المجتمع ولن يتركه إلا جثة هامدة, يجب علي كل مصري مسيحي أن يمنع أبناءه من مشاهدة هذه الفضائيات المتوحشة التي تهاجم المسلمين, ويجب علي كل مصري مسلم أن يمنع أبناءه من مشاهدة هذه الفضائيات المدمرة التي تهاجم المسيحيين, لأن النتيجة خطيرة لكل المصريين, وعلي الدولة أن تحاول أن تكون دولة لها هيبتها وسلطتها, وتمنع مثل هذه الفضائيات الدينية المتعصبة عن طريق وزارة الإعلام بإلغائها, أو تشفيرها, أو أي طريقة نتخلص من شرورها, ويجب علي رجال الدين الإسلامي والمسيحي أن يرشدوا المؤمنين جميعا في مساجدهم وكنائسهم إلي خطورة هذه الفضائيات التي تلعب بالنار, ولا تهدف إلا إلي حرق وتدمير مصر. ثم أين الإعلام الوطني المنوط به نشر صحيح الدين, ونشر الحب بين الناس, وتشجيع الجميع علي العمل بجد وإخلاص لإنقاذ مصر من مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية, والبعد عن عبث الصبية الذي تقوم به هذه الفضائيات؟ وهنا أتساءل: أين وزير الإعلام من كل هذا؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق