اخر الاخبار

21‏/06‏/2011

الظواهرى والقاعدة.. اثنان فى واحد بقلم منتصر الزيات

لم يكن تأخراً على النحو الذى وصفته دوائر البحث فى العالم، ذلك الإعلان الذى صدر بعد ستة أسابيع من استشهاد الشيخ أسامة بن لادن بتنصيب الدكتور أيمن الظواهرى زعيماً للتنظيم خلفاً لصاحبه، فوزارة نجيب ميقاتى فى لبنان استغرقت أضعاف تلك المهلة، فهناك تعقيدات بالغة الدقة تحيط بعملية الاختيار الصعب فى تنظيم متابع دوليا فى حملة استنفار أمنى عقب اغتيال بن لادن، وترامى أعضاء مجلس شورى التنظيم فى أماكن مختلفة يحتاج الأمر معها إلى ترتيب وروية وتأمين، كل ذلك كان يحتاج ضعف هذه المهلة، بيد أننى أستشعر فيما أستشعره سببين إضافيين لكل المسائل الأمنية فى تراخى الإعلان هذه الأسابيع الستة: أولهما رغبة الظواهرى فى عدم شغل المنصب الصعب، وقد طبق هذه السياسة من قبل عندما كان يقود جماعة الجهاد بمصر عام ٩٠ فى بيشاور، فقد قدم عليه الدكتور سيد إمام عبدالعزيز بينما كانت الدنيا كلها تعتقد أنه هو الأمير الحقيقى رغم أنه كان الأمير الفعلى، وهكذا احتاج الأمر إلى ضغوط من أصحابه لقبول هذه المهمة، أما ثانيهما فهو مشاغلة الرأى العام والقوى الاستخباراتية أيضاً فى آن، فهو يدرك جيداً - وهو يجيد فن التعاطى مع الميديا ووسائل الإعلام - أنهم ينتظرون إعلان خليفة بن لادن، فلا بأس أن يزيد الجدل، مما يضع القاعدة فى بؤرة الضوء والحدث، وهى الفرص التى يحتاجها قناص فى حجم الظواهرى لتجنيد أعضاء جدد من الشباب المترامى فى أنحاء المعمورة ممن يعتنقون أفكار الجهاد والسلفية الجهادية.

قد يقول قائل مما يدعم به بحثه ورؤيته فى حدوث اختلافات حول اختيار خليفة بن لادن: «لقد اختاروا سيف العدل لإدارة شؤون التنظيم مؤقتا الفترة الماضية» بالتأكيد كان ذلك الإعلان المؤقت سببا لتأكيد حالة الجدل، وانساقت الميديا خلفه لتلقى الضوء على شخصية «سيف العدل» وتضاربت التحليلات حول شخصيته مثلما اختلفت حول حقيقتها، فكثيرون جدا فى وسائل الإعلام تعامل معه باعتباره العقيد محمد إبراهيم مكاوى، المتقاعد فى الجيش المصرى، وقليلون جداً الذين وعوا أنه شخص آخر من محافظة البحيرة بمصر!! وهو أمر يكشف سطحية بعض العاملين فى الإعلام. لقد عانينا من وجود من سموا أنفسهم «خبراء فى شؤون الجماعات الإسلامية»، ولم تعرف عنهم خبرة حقيقية أكثر من تحصيل المعلومات الساذجة من شبكة «الإنترنت» بطريقة القص واللزق!!.

إن مهمة البحث فى شؤون الحركات الإسلامية تقتضى متابعة الحدث لا المشاركة فى صناعته، وتقتضى الإلمام بكل تفاصيل وتضاريس تلك الحركات وقواسمها المختلفة وتنابذاتها وطبائع التفكير داخلها وطبيعة الشخصيات القيادية داخلها، وغير ذلك من المعلومات، ما ينتهى بالباحث إلى التخصص والخبرة.

لا أعتقد أبدا أن ثمة مشكلة حقيقية داخل أروقة القاعدة وبين زعمائها على اختيار الظواهرى زعيماً، فقد كان بالفعل يشغل تلك المهمة، فهو شريك لا يقبل القسمة إلا على اثنين بينه وبين الراحل الشهيد أسامة بن لادن، وكلا الرجلين أسهم فى تحولات صاحبه. بن لادن حوّل الظواهرى من قتال العدو القريب أولاً، ومن كون تحرير القدس يبدأ من القاهرة - وكلها ميول داخلية محلية - وسحبه لاهتمامات أكبر فى قتال العدو البعيد الذى يمثل رأس الأفعى للنظام العالمى الجديد كله، ويعنى بها الولايات المتحدة الأمريكية، بينما الظواهرى كان قد نجح أولاً فى تحويل بن لادن من مهمة الجهاد الإغاثى التى اكتسبها من الشهيد عبدالله عزام، وحوله معه بتلقينه الجهاد الرسالى القتالى. هكذا اشترك الرجلان فى تأسيس القاعدة ووضع لبنة أفكارها وأهدافها.

لقد سعى بن لادن أولا بعد نهاية الجهاد الأفغانى وتولى حكومة صبغة الله مجددى إلى أن يكوّن تنظيمه الخاص، سماه «النصيحة والإخلاص»، غير أن هذا التنظيم أو تلك الهيئة لم تحقق تقدما يذكر، فعاد بن لادن لصديقه ولأخيه الظواهرى يدعوه للانضمام للتنظيم الجديد فسمياه أولا «الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين»، أو «جيش تحرير المقدسات الإسلامية»، غير أن اسم «القاعدة» كان الاسم الذى استهوى أفئدة كل العاملين فى تأسيس هذا التنظيم، لأنه يستدعى دائما صفحاتهم فى الجهاد الأفغانى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق