اخر الاخبار

10‏/06‏/2011

الوزير يعرف بقلم سليمان جودة

الذين قرأوا عمود أمس، فى هذا المكان، طالعوا فيه العبارة التالية: ونعرف أن رفع سعر الدولار عدة قروش ـ مثلاً ـ يمكن أن يوفر لنا أضعاف المليارات الثلاثة، من دعم مهدر على غير مستحقيه!

وقد وقع فى العبارة خطأ غير مقصود، لأننى كنت أتكلم عن السولار.. لا الدولار.. وفى كل الأحوال، فإنه حتى السولار ليس مقصوداً فى حد ذاته بالكلام، وإنما المقصود هو الطاقة بكل أنواعها، التى يحصل عليها القادر بالسعر ذاته الذى يشتريها به محدود الدخل، وهى مسألة لا عدالة فيها بالمرة!

وأما المليارات الثلاثة، التى جاء ذكرها فى عبارة أمس، فهى تمثل العائد الذى قيل إنه سوف يدخل خزانة الدولة، من وراء ضريبة جديدة قالت الحكومة إنه سوف يجرى فرضها على أرباح أصحاب الأعمال!

وما أذكره، الآن، أن الدكتور سمير رضوان، وزير المالية، كان قد قال هو نفسه، قبل عدة أيام، إن فنادق الخمس نجوم فى العاصمة تدفع جنيهين ونصف الجنيه فى أنبوبة البوتاجاز، وهو السعر ذاته الذى يشتريها به أى فلاح فى أبعد قرية عن القاهرة، بما يعنى أن الحكومة تدعم هذه الفنادق بمثل ما تدعم بالضبط العمال، والفلاحين، ومحدودى الدخل إجمالاً.. فأى عدالة فى هذه المسألة؟!

ولذلك، فإن حكومتنا إذا كانت قد اكتشفت، فى لحظتنا هذه، أنها فى حاجة إلى موارد لخزانتها العامة، وهى محتاجة إليها فعلاً، فالمنطقى أن تمنع هذا الدعم المهدر عن غير مستحقيه، وأن تحصل من وراء ذلك ومن وراء أى دعم آخر على أكثر من مستوى على موارد تصل فى قيمتها إلى أضعاف أضعاف المليارات الثلاثة، أو حتى الخمسة، التى قيل إنها سوف تعود عليها من وراء الضريبة الجديدة!

والقصد هنا ليس الاعتراض بالطبع على هذه الضريبة الجديدة، فى حد ذاتها، لأن الضرائب، عموماً، هى المصدر الأساسى لدخل أى دولة فى العالم، أو على الأقل من بين موارد الخزانة العامة الأساسية فى أى عاصمة، ولكن القصد أننا، ونحن نتعامل مع هذا الملف، يجب ألا نتعامل معه كحكومة على أنه موضوع جديد تماماً ولم يواجه أى حكومة من قبل!

والمعنى أننا لن نخترع ونحن نتعامل مع ملف الضرائب، فتجارب الدول التى سبقتنا فى هذا الاتجاه معروفة، ومتاحة لنا، لنستفيد منها، ونأخذها، ثم نبنى عليها، لا لنتجاهلها ونبدأ من الصفر، وكأننا، كما يقال دائماً، نريد أن نعيد اختراع العجلة من جديد!

كنت فى كل مرة أقابل فيها وزيراً مختصاً بشؤون الاقتصاد، أو خبيراً متخصصاً فى هذا الشأن، أسأله عما إذا كان فرض ضريبة تصاعدية على أصحاب الأرباح العالمية يمكن أن يكون مورداً مهماً للخزانة العامة أم لا؟!..

وكان الرد فى كل مرة أنه يمكن أن يكون كذلك بالفعل، ولكن عيبه أنه يؤدى إلى تطفيش المستثمر الخارجى، الذى نحن أحوج بلاد الدنيا إليه هذه الأيام، لاستيعاب ملايين العاطلين فى فرص عمل!

ومن هنا، تحديداً، كنت أعرف أن حكومتنا الحالية، بوجه عام، ووزير ماليتنا، بشكل خاص، يعرف أن سعينا فى ملف الضرائب، يجب أن يقوم على أساس الأخذ من تجارب أخرى سبقتنا فى أكثر من دولة، وأن الميزة الكبرى للضريبة، أى ضريبة، إنما هى فى استقرارها، وليس أبداً فى قيمتها!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق