اخر الاخبار

17‏/06‏/2011

ترف لا نملكو بقلم سليمان جودة

تبدو مصر، وهى تتحرك فى اتجاه عبور المرحلة الانتقالية الحالية، وكأنها شخص يصعد جبلاً، خطوة وراء الأخرى، ولا يملك بديلاً آخر!
قد تبدو الخطوات متثاقلة، أو حتى متباطئة، بحكم عقبات الطريق، ولكن هذه العقبات نفسها، سوف تزول اليوم، أو غداً، أو بعد غد.. المهم أنها سوف تزول!

فالبلطجة التى قد يمارسها بعض الناس هذه الأيام عقبة كبيرة فى طريق البلد، ولكن ما يجب أن نلتفت إليه أن هذه البلطجة، حتى ولو كانت قد أخذت شكل أو حجم الظاهرة، فإنها طول الوقت محل مقاومة، وغضب، ورفض، من الجميع، وليس من جهاز الأمن وحده، لأنها ضد طبائع الأشياء، وبالتالى فهى إلى زوال، مهما طال أمدها، أو اتسع حجمها.

وإحساس الناس بالأمن، قد يكون أقل مما يجب، ولكنه فى النهاية سوف يعتدل، بدليل أنه اليوم، أحسن منه أمس، وقد كان بالأمس، أفضل منه أمس الأول.. وهكذا.. وهكذا!

وربما يكون المهم هنا، هو أن ندرك جميعاً، أننا لا نملك ترف التراجع عما نحن ماضون إليه، ولا نملك إلا أن نكون، مستقبلاً، فى موضع أعلى مما كنا عليه من قبل، ولن يكون هذا ممكناً، إلا إذا أخذنا الشىء الجيد مما كان قائماً قبل ثورة ٢٥ يناير، وبنينا عليه، ثم طرحنا الشىء السيئ جانباً، ولم ننشغل به، إلا فى حدود ما يستحقه من وقت أو جهد!

ومن الممكن أن يرد واحد هنا، ويقول، إن ما كان قبل ٢٥ يناير ليس فيه شىء جيد، وأنه كله كان سيئاً، وسوف أفترض هذا معه، وأسأل: تصور لو أن نظاماً للحكم بقى فى بلده ٣٠ سنة، كما فعل النظام الحاكم السابق، وتصور أن هذا النظام، قد قرر أن يفعل كل شىء فى الاتجاه الخاطئ، وأنه تصرف فعلاً على هذا الأساس!

عندها، سوف يفعل شيئاً، أو اثنين، أو ثلاثة أشياء جيدة، على سبيل الخطأ، ودون قصد منه، وبالتالى فهذه الأشياء الثلاثة - مثلاً - هى التى علينا أن نأخذها، وأن نعترف بها، وأن نبنى عليها، لا أن نبدأ من الصفر!

نظام الضرائب وتوحيدها - على سبيل المثال - كان شيئاً جيداً، وكذلك الاستثمار فى المدن الجديدة والمناطق الحرة، كان شيئاً جيداً، وفى الجمارك، كان هناك إصلاح على الطريق السليم و.. و.. إلى آخره!

هذه مجرد أشياء طافت فى الذهن، عند كتابة هذه السطور، ولابد أن هناك أشياء غيرها فعلها أصحابها فجاءت جيدة، وموفقة، رغم أنهم - كما افترضنا - لم يكونوا ينوون فعل شىء جيد مطلقاً!

والأهم، هو أننا لا نملك، مرة أخرى، إلا أن نكون فى موقع متقدم عما كنا عليه، وعلينا أن نضع فى أذهاننا أنه لا خيار آخر أمامنا، فهذا هو الخيار الوحيد، وحتى لو مال بنا الطريق، ونحن نسعى نحو هذا الهدف النهائى، فإنه سوف يميل لأعلى، لا إلى تحت، ولا إلى أسفل، لأننا لا نملك هذا الترف!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق