اخر الاخبار

14‏/06‏/2011

مصر ينقصها البهجة بقلم سليمان جودة

دون اتفاق مسبق بينهما طار الكاتبان الكبيران على سالم وصلاح منتصر فى اتجاه واحد، صباح أمس، وكان الهدف مشتركاً، وكانت الغاية واحدة، رغم أن الوسيلة كانت مختلفة!

فالأستاذ على سالم كان يحلّق فى صحيفة «الشرق الأوسط» كما يفعل فيها كل أسبوع، وكان يكتب عن «عقبتان فى مصر تسدان الطريق نحو المستقبل»، وهى مقالة أتمنى لو عاد القارئ إليها، وإذا لم يستطع، فإننى هنا أقدم فكرتها الأساسية لعلها تصل إلى الذين لم تصل إليهم!

أما العقبة الأولى، التى يراها تسد طريقنا إلى المستقبل، فهى طبيعة السلام مع إسرائيل، وحدوده، وكيف يمكن تحويله إلى أداة مثمرة، ومنتجة على جميع المستويات، وأهمها إقامة الدولة الفلسطينية.. وأما العقبة الثانية فهى الأفكار السائدة بيننا إعلامياً، وثقافياً، عن الولايات المتحدة، بشكل خاص، وعن دول الغرب بوجه عام، وهو ما يتطلب التخلص سريعاً من فكرة أن الغرب وأمريكا يحكمهم عدد من الشياطين الأوغاد، الذين يحلمون فقط بتدميرنا!

ولأن على سالم كاتب من الطراز الأول، ولأنه كاتب مسرح من الطراز نفسه، فهو بطبيعته منشغل بالأسباب التى يمكن أن تجلب البهجة إلى المشاهد إذا كان فى قاعة مسرح، أو إلى المواطن عموماً، إذا كان فى أى موقع من أنحاء البلد، وربما لاحظ «على سالم» أن البهجة، فى الحالتين، غائبة، وهو يرى أن عليه أن يصنعها للناس، أو يدعو إليها، وهذا أضعف الإيمان، ولذلك كتب يقول: مصر ينقصها البهجة، وهو بالفعل ما يشعرنى بالقلق، والثورة بالطبع ليست مسؤولة عما آل حالنا إليه.

لقد وصلنا إلى نقطة الصفر فى الفن، بعد مشوار طويل مجهد فى طريق الكذب على النفس، والخوف من عفاريت لا وجود لها، ولابد أننا قد اكتشفنا، الآن، أن مليون شخص يقفون فى ميدان التحرير قادرون على إسقاط نظام حكم، غير أن المليون نفسه عاجز عن صنع رياض سنباطى واحد، أو نجيب محفوظ واحد، أو نجيب ريحانى واحد!

فما المعنى إذن؟!.. هو يقول: البهجة يصنعها بشر تصالحوا مع أنفسهم، ويشعرون برغبة قوية فى أن يعيشوا وسط بشر مبتهجين، وعلى النظام فى مصر أن يبحث عنهم، وأن يتيح لهم الفرصة للعمل!

انتهى كلام الرجل، وأعجبتنى جداً العبارة التى تقول: «البهجة يصنعها بشر تصالحوا مع أنفسهم»!

وكم أتمنى لو كان «على سالم» قد اكتفى بهذه العبارة وحدها، ثم راح يرددها فى المساحة المخصصة للمقال، مائة مرة، لعلها تصل، ولعل معناها يستقر فى وجداننا، ولابد أنك سوف تلاحظ أن البشر الذين عليهم أن يصنعوا البهجة ليسوا فقط متصالحين مع غيرهم، فهذه مسألة أمرها يهون.. لأن المهم، بل الأهم، أن نتصالح مع أنفسنا أولاً.. وعاشراً.. وما بعد ذلك سوف يكون سهلاً ويسيراً!

أما الأستاذ صلاح منتصر فقد جاءت فقرة من كلامه فى الاتجاه نفسه فى عموده بـ«الأهرام»، وفيها يقول: «أخى فلان.. هل دام العز لأحد؟!.. وهل دامت الصحة لأحد؟!.. يا أخى، لا دائم إلا وجه الله تعالى، العادل الممتحن، وما تواجهه اليوم امتحان سترتقى به، وبعده، بالتجربة والصبر الجميل، وسيرتفع شأنك الإنسانى، وستضحك غداً كثيراً، فلماذا لا تضحك اليوم، فيبدأ كل مَنْ حولك فى الابتسام والثقة فى الغد العادل المرتقب؟!».

كتابات، كما ترى، تمس القلب، وتدعوه إلى البهجة، وإلى التفاؤل، والابتسام، لا إلى الانتقام، ولا إلى الحقد، ولا إلى التشفى الذى هو لغة الناس هذه الأيام!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق