اخر الاخبار

21‏/06‏/2011

رؤيتي لـ القرن العشرين 1905 (6)بقلم: مراد وهب‏

مراد وهبة
يتقدم العلم بالتراكم والتراكم‏,‏ مع مضي الزمن‏,‏ يفضي إلي نقلة ثورية‏.‏ وبناء عليه يمكن القول بأن ما حدث في عام ‏1905‏ هو نقلة ثورية لما حدث في عام‏1900‏.
والسؤال اذن:
كيف حدثت هذه النقلة الثورية؟
في عام 1900 أعلن الفزيائي ماكس بلانك أن الشعاع الضوئي يتحرك علي هيئة جسيمات وليس علي هيئة موجات. وقد ظلت هذه النظرية موضع تجاهل من علماء الفيزياء من عام 1900 إلي عام 1905, إذ لم يجرؤ أحد علي قبولها سوي رجل واحد: إنه أينشتين, إذ فطن إلي أهمية نظرية بلانك عندما التفت إلي ظاهرة محيرة وهي أنه عندما يسلط الضوء علي قطعة معدنية فان هذه القطعة تفرز الكترونات ولاتفرز موجات.
وفي مارس 1905 أرسل أينشتين إلي مجلة الفيزياء بحثا من أربعة بحوث تمهيدا لنيل درجة الدكتوراه أعلن في مفتتحه أن ثمة تناقضا حادا في رؤية علماء الفيزياء لكل من المادة والضوء. المادة, في رأيهم, مكونة من جسيمات وليس موجات, والضوء متصل وليس به أية مسحة ذرية. فاذا تعاملت مع المادة والضوء علي أنهما متماثلان يحدث تصادم بين النظريات الفيزيائية.
والسؤال اذن:
كيف نزيل هذا التصادم؟
عندما نفترض أن الضوء مكون من جسيمات.
وبعد شهر من نشر البحث الأول أرسل البحث الثاني إلي جامعة زيورخ, وكان تعليق أحد الأساتذة المحكمين أن البحث قصير أكثر من اللازم, فأضاف أينشتين عبارة واحدة إلي بحثه ثم أعاده إلي الأستاذ. والمفارقة هنا أن البحث أصبح مقبولا. وبعد ذلك نشر البحثين الآخرين ونال درجة الدكتوراه تحت عنوان نظرية النسبية الخاصة التي اشتهرت بالمعادلة الرياضية القائلة بأن الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء ومعناها أن الذرة تحتوي علي طاقة تساوي وزن الذرة مضروبا في سرعة الضوء التي تساوي 300.000 كم في الثانية. وفي حالة انفجار هذه الطاقة تكون المحصلة تدمير مدينة بأكملها. والقنبلة الذرية هي شئ من هذا القبيل. كما أن هذه النظرية اشتهرت أيضا بأن المكان لم يعد مطلقا وكذلك الزمان وذلك بسبب أن المكان لم يعد له ثلاثة أبعاد بل أربعة أبعاد بعد ادخال الزمان في المكان الأمر الذي أدي إلي عدم ثبات الأبعاد الثلاثة ومن ثم أصبح كل شئ نسبيا في هذا الكون.
وبعد ذلك أسس أينشتين نظرية النسبية العامة (1916) التي اشتهرت بمصطلح المجال الجاذبي بديلا عن مصطلح نيوتن القوة الجاذبة. فالقوة الجاذبة تنطوي علي سمة سحرية لأنك لن تستطيع العثور علي هذه القوة لأنها مختفية وبلا علامات أما المجال الجاذبي فيلزمك بالبحث عن العوامل المتداخلة والمكونة للمجال. واللافت للانتباه أن مفهوم المجال الجاذبي قد دفع أينشتين إلي البحث عن الوحدة المكونة للقوي الطبيعية والتي عبر عنها
بـ المجال الموحد. ومن سمة هذا المجال أن يكون مفتوحا ومتغيرا ومؤسسا لرؤية كونية علمية.
وأظن أن من شأن هذه الرؤية العلمية الكونية أن تحدث تأثيرا في مفهوم الدين عند أينشتين, وقد كان, فهو يري أن الخبرة الدينية مرت بمراحل ثلاث:
المرحلة الأولي هي تصور الله علي مثال الانسان.
والمرحلة الثانية هي تصور الله بعيدا عن تشبيهه بالانسان
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي تتميز ببزوغ الحس الديني الكوني, وهو حس خال من أي معتقد مطلق يتخذ منطلقا لتأسيس المعابد والمؤسسات الدينية.
والسؤال عندئذ:
ما مصيرعلوم العقائد في ضوء رؤية أينشتين ؟
جواب هذا السؤال في المقالات المقبلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق