اخر الاخبار

23‏/06‏/2011

تحية متأخرة إلى قاضٍ جليل بقلم حسن نافعة

 عثرت فى أوراقى مصادفة على نص المذكرة التى كان السيد المستشار أحمد مكى، عضو مجلس القضاء الأعلى، قد أرسلها إلى المجلس، مطالبا إياه باتخاذ موقف واضح من قضية تطهير القضاء. وتذكرت، بمجرد أن عثرت عليها، أننى كنت قررت عدم نشرها فى حينه، لأسباب بدت لى وجيهة فى ذلك الوقت، لكننى كنت شديد الحرص فى الوقت نفسه على نشرها لاحقاً مصحوبة بتحية خاصة إلى هذا القاضى الجليل والشجاع.

 غير أننى لا أتذكر ما الذى حدث بعد ذلك ولماذا تأخر نشرها كل هذا الوقت، ولأن موضوع تطهير القضاء هو حديث الساعة وكل ساعة، فقد وجدت أن نشرها، أو بالأحرى إعادة نشرها، سيذكّر الناس بقضية لا يتعين أن يطويها النسيان أبدا، وبرجال يحق للوطن أن يفخر بهم.

تقول المذكرة:

«تنص المادة الثانية من لائحة مجلس القضاء الأعلى على أنه (إذا طلب أحد الأعضاء أو وزير العدل عقد المجلس بصفة عاجلة تعين دعوته للانعقاد خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب، وتبلغ الدعوة وصورة من جدول أعمال المجلس إلى الأعضاء قبل الموعد المحدد بيوم على الأقل، ما لم تقتض الضرورة أن يتم ذلك يوم انعقاد المجلس).

وبجلسة ٤/٤/٢٠١١ قدمت للمجلس مذكرة أشرت فيها إلى ما يروج بين جميع المواطنين عن (حاجة القضاء إلى أن يتطهر من أفراد مذكورين بالاسم أسرفوا فى الذلة أو الانحراف، فقضوا بغير الحق، أو زوروا نتائج الانتخابات، أو تستروا على فساد)، وبتلك الجلسة تحدثت عن أهمية أن يبادر مجلس القضاء الأعلى إلى إعلان موقفه، وحرصه على تطهر القضاء، حتى يطمئن الناس إلى أنه يكترث بشكاواهم، ذلك أن كاهل القضاء على وشك أن يثقل بانتخابات تتعلق بها آمال الأمة، وبقضايا فى غاية الخطورة تثير عواطف الناس وهواجسهم وأهواءهم، يعبرون عنها بصورة تمثل خطرا على استقلال القضاء،

 وقد تكون أشد وطأة من تدخل السلطان، وخطرا على نظام الجلسات وضمانات المحاكمة العادلة التى تضمن للخصوم على سواء تحقيق دفاعهم وتحميهم وشهودهم ووكلاءهم من الإهانة، لأن الخوف من سطوة الأمن لا يصلح بديلا عن الاطمئنان للقاضى والثقة فى عدله، وإدراكا منى لدقة الموضوع وحساسيته وافقت على ما اقترحه المجلس من إحالة الأمر إلى أمانته للدراسة، على أمل أن نوفق إلى القرار المناسب فى الجلسة التالية. ولقد مضى شهر ولم تقدم الأمانة الدراسة الموعودة، وأحسب أن الخطر يتفاقم يوما بعد يوم، فى ضوء ما يصك سمعى من الزملاء الذين باتوا يتحسبون من اعتلاء المنصة ومن غيرهم، فبت أفكر فى أن ضمان علنية الجلسات قد يكون بوجود وسيلة لإذاعتها على الجمهور أثناء انعقادها، مع قصر الحضور على الخصوم ووكلائهم،

 بل قد يرى المجلس فى ضوء ما يدور فى جلسات المحاكم اليوم وتفشى الانفلات الإعلامى والأمنى حتى بات قطع الطرق ومنع انعقاد جلسات المحاكم أمرا مألوفا باعتباره مجرد وسيلة للتعبير، وتزايدت الأقوال الفاحشة والمستفزة أثناء انعقاد الجلسات، وهى أمور لو افترضنا أنها لن تؤثر على سير العدالة فإنها ستهدم بالتأكيد ثقة العالم فى عدل ما يصدر عنا من أحكام، بل ستهدم الكثير من تقاليد القضاء، ولهذا قد يرى المجلس أن يدعو مؤسسات الدولة للنظر فى اتخاذ قرار بتأجيل هذه المحاكمات لحين توفر الظروف المناسبة لمحاكمات عادلة،

وقد يرى المجلس ألا ننتظر التحقيق فى الشكاوى ويأمر بتشكيل لجنة تكون مهمتها الاطلاع عليها وما فيها من دلائل على رأى محكمة النقض بشأن بطلان الانتخابات منذ سنة ٢٠٠٠ المبنى على أخطاء القضاة المشرفين عليها، لتوصى الجمعيات العامة للمحاكم التابع لها هؤلاء القضاة ألا تسند إليهم مهمة الفصل فى القضايا الجنائية أو الإشراف على الانتخابات لحين الفصل فى الشكاوى، ما لم يطلبوا هم أنفسهم التنحى، أو أى حل آخر يراه المجلس ملائما. ونظرا لأن الأمر بات هماً يملأ علىّ نفسى ليصرفنى عن دراسة غيره من المسائل المعروضة على المجلس. لذلك، أرجو قبول اعتذارى عن حضور جلسات المجلس التى قد تسبق مناقشة ما جاء فى هاتين المذكرتين».

الإسكندرية فى ١/٥/٢٠١١

تحية للسيد المستشار أحمد مكى، ولكل القضاة الشرفاء الذين يدافعون عن استقلال القضاء، ويبذلون كل ما فى وسعهم لتنقية ثوب القضاء المصرى الناصع مما علق به من دنس.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق