اخر الاخبار

18‏/06‏/2011

حل اتحاد العمال؟بقلم: سلامة أحمد سلامة

بقلم: سلامة أحمد سلامة
salama ahmad salama okkkيخوض الاتحاد العام للعمال فى مصر معركة حياة أو موت ضد الاتحادات النقابية المستقلة ومنظمات المجتمع المدنى، التى تطالب بحله لانقضاء صفته كممثل للعمال المصريين فى جميع المجالس والمحافل الإقليمية والدولية، وتفكيك هياكله القائمة ووضع أمواله وممتلكاته تحت الحراسة.. بعد أن خرجت النقابات المستقلة عن سيطرة الحكومة والاتحاد ونشأت أوضاع جديدة بعد الثورة.

لم يكن الاتحاد العام للعمال فى أى وقت من الأوقات ممثلا حقيقيا لمصالح العمال أو ناطقا باسمهم، بل كان منذ نشأته عميلا فى أحضان الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطنى وأداة من أدوات الحكومة والأمن، للسيطرة على الأنشطة العمالية وتوجيهها، واختيار من يمثل العمال فى المجالس البرلمانية. وتعبئتهم فى المناسبات الجماهيرية للتصفيق والتهليل للرئيس والحكومة فى عيد العمال والانتخابات البرلمانية والمحلية، بغض النظر عن مدى ما يعود على العمال من مكاسب.

وسارت مصر على خطى الدول الاشتراكية فى اختيار وزير العمل من بين القيادات العمالية الموثوق بها، حتى كانت آخر وزيرة تلك التى لم تحمل شهادة جامعية وكل مؤهلاتها تقبيل يد حرم الرئيس، بينما يتم التعاقد على تشغيل العمال المصريين خدما فى الدول الخليجية. وحين وقعت أحداث ثورة 25 يناير انحازت هذه القيادات إلى صفوف الثورة المضادة، وكان رئيس الاتحاد العام للعمال الذى يجرى التحقيق معه الآن أحد قيادات موقعة الجمل فى ميدان التحرير.

كانت مهمة اتحاد العمال هى السيطرة على نشاط العمال وتجمعاتهم ونقاباتهم الفرعية، داخل المصانع والشركات. والتواطؤ مع أصحاب الأعمال والدفاع عن مصالحهم بأكثر من العمل لحساب العمال. ومن هنا كان طبيعيا أن تنشأ نقابات عمالية مستقلة تسعى لممارسة الحريات النقابية بعيدا عن سيطرة الاتحاد، طبقا لما تنص عليه المواثيق الدولية.

ليس من الواضح أين تقف الحكومة من النزاع الناشب بين الاتحاد العام للعمال والنقابات المستقلة. وكان الأحرى أن يحسم وزير القوى العاملة موقفه ويتخذ موقفا صريحا فى مؤتمر العمل الدولى الذى انعقد فى جنيف، بتأييد اتحاد النقابات المستقلة وسحب الاعتراف بالاتحاد العام.. وخاصة بعد الفضيحة التى شهدتها قاعات المؤتمر فى جنيف وأساءت لسمعة مصر، حين شن ممثل الاتحاد العام هجوما حادا على الوزير والنقابات المستقلة، وأنكر دوره فى انتهاج سياسات مناهضة للحريات والمشاركة فى قتل المتظاهرين فى ميدان التحرير.

ومع ذلك، فقد سارع الوزير إلى إعلان اعتماد سياسة تقوم على إطلاق الحريات النقابية. وأنه تم حتى الآن تأسيس نحو 26 نقابة عمالية جديدة. وهو ما يمثل اتجاها لتصحيح السياسات العمالية السابقة التى كانت تنظر إلى النقابات الفرعية وقياداتها على أنها مجرد قطع شطرنج. وكانت تدير أموال الاتحاد وممتلكاته باعتبارها غنائم تنفق دخلها فى المكافآت والسفريات. واتضح مثلا أن وفد اتحاد العمال إلى جنيف أنفق أكثر من مليون ونصف المليون جنيه فى تسفير 36 قياديا وصحفيا لحضور مؤتمر العمل الدولى فى جنيف.. فى ظروف اقتصادية ومالية صعبة تمر بها البلاد.

وطبقا لبعض الآراء، فإن الموقف العدائى الذى يتخذه الاتحاد العام من وزير القوى العاملة، يرجع إلى عدم اختياره من بين صفوف القيادات العمالية.. وهو ما أدى إلى إلغاء المعونة السنوية التى تقدمها الحكومة إلى الاتحاد.

وهنا لابد من الاعتراف بأن اتحاد عمال مصر الذى حكم الحركة العمالية عدة عقود، فقد مبرر وجوده بعد نشوء النقابات المستقلة.. وبعد حل الحزب الوطنى الذى كان يرعاه. وأصبح من الضرورى حل الاتحاد العام أيضا ووضع مخصصاته ومقاره تحت الحراسة إلى حين تقرير مصيره. إذ لم يعد هناك مفر من إعادة تشكيل اتحاد عام مستقل يضم النقابات المستقلة التى شكلت بعيدا عن الكيان القديم. وإجراء انتخابات نزيهة لاختيار قيادات جديدة. ووضع تشريع يسمح للنقابات المستقلة بالاندماج معا فى كيان أكبر من العمل سويا بما يضمن الحريات النقابية التى نصت عليها المواثيق الدولية.

بعد عقود من العفن والفساد الذى طال الحركة العمالية وجعلها جزءا من منظومة الفساد الحزبية العامة، فإن الأوان قد آن لبدايات جديدة، تجدد دماء النقابات العمالية وترتقى بأدائها وتدعم قدراتها على تمثيل مصالح الطبقة العاملة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق