اخر الاخبار

16‏/05‏/2011

حركة المحافظين الأخيرة.. هل هى خيبة أم مؤامرة؟! بقلم د . طارق الغزالى حرب

لمواطنون المصريون يُفكرون.. ويتساءلون فى جنون.. أين المحافظون؟ فقد مر ما يزيد على الشهر على ما تم إعلانه والتهليل له من حركة تغييرات واسعة شملت الغالبية العظمى من المحافظين القدامى..

وبمرور الأيام تتأكد مصداقية ما أثاره الإعلان عن أسماء هؤلاء المحافظين الجدد من غضب ودهشة لدى الرأى العام، فضلا عن الاستنكار من طليعة الثورة الشباب، وحركات الاحتجاج لدى قطاعات واسعة من المواطنين فى مختلف المحافظات. كان الإعلان عن أسماء من تم اختيارهم صادماً من عدة وجوه.. فالاختيار تم على نفس أسس الاختيار فى النظام الفاشل الذى سقط إلى غير رجعة، وهى التى تعتبر منصب المحافظ بمثابة مكافأة نهاية الخدمة للمرضى عنهم وأصحاب الحظوة..

 ثم كانت الصدمة الثانية فى أنه حتى مع التسليم بهذه الأسس الفاسدة فى الاختيار، فإن الأسماء التى اختيرت كانت حول معظمها- إن لم يكن كلها- علامات استفهام كثيرة، وكان المثال الأكثر وضوحاً فى هذا هو لواء الشرطة الذى اختاروه محافظاً لقنا، وهو الذى تلوثت يداه بتعذيب مواطنين مصريين والتصدى الوحشى للمتظاهرين إبان الثورة ، مما أدى إلى ما شهدته هذه المحافظة من حركات احتجاج دفع ثمنها المواطنون المصريون جميعاً، بعد أن تطورت الأمور إلى اعتصامات وقطع طرق وإضرابات. أمثلة أخرى لهذا السوء فى الاختيار إلى درجة العبث حدثت فى محافظات الإسكندرية والدقهلية والقليوبية وغيرها..

وكان السؤال الذى يؤرقنى منذ الإعلان عن هذه التعيينات هو: هل هذه الاختيارات التى تمت بهذه الطريقة تعبيراً عن الخيبة فى إدارة الدولة وعدم التأنى فى وضع المعايير المطلوبة وجمع المعلومات لاتخاذ القرار المناسب وغلبة التأثيرات الشخصية على اعتبارات المصلحة العامة..

أم أنها كانت مقصودة بحيث يتولى هذه المناصب المهمة فلول من أعوان النظام السابق الذى كانوا مرتبطين به ارتباطاً عضوياً تعززه المصالح المشتركة بينهم، فيكون لهم دور فى المخططات الشيطانية التى تقوم بها قوى الثورة المضادة لإشاعة الفوضى والتسيب والانفلات، وتعكير صفو الحياة على المواطنين وإرهاقهم وترويعهم لعلهم يندمون على ثورتهم ويتحسرون على نظام سابق يتصور بعض الواهمين أنه يمكن أن يعود، وتعود معه أيام السرقة والنهب والقهر والاستعلاء على الناس.

 ما أقوله لا يحتاج أدلة وبراهين، فيكفى نظرة واحدة على ما يجرى فى شوارع القاهرة والجيزة مثلا هذه الأيام لتأكيد أنه لا يمكن تصور أن لهذه المدن والأحياء والشوارع مسؤولين يرأسهم محافظون مفوضون بسلطات رئيس الجمهورية، ويتقاضون رواتب ضخمة من جيوبنا. الأمثلة عديدة لحالة اللامبالاة وتعمد تعكير صفو الحياة اليومية للناس، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

(١) مشروع تطوير ميدان الجيزة الذى تم الانتهاء منه وصُرف عليه عشرات الملايين من الضرائب التى يحصّلونها من دم الشعب الفقير، وكان على وشك الافتتاح قبل الثورة مباشرة، وبدأت بالفعل عملية تجميل الميدان ووضعت لافتات الترحيب بالمسؤولين السابقين.. لماذا لم يتم حتى الآن افتتاحه؟

(٢) ما آليات العمل هذه الأيام فى هيئات نظافة وتجميل القاهرة والجيزة، ومن يقوم بهذه الأعمال ومدى تكلفتها؟ وهل روجعت العقود التى أبرمت فى عهد الرشاوى والفساد وبدأ التفكير فى نظم عمل جديدة؟

(٣) لماذا لم يفكر أحد من هؤلاء المحافظين فى أن يجمع رجال المرور فى محافظته ليفكروا معاً وفى وجود خبراء ومهندسين فى أى حلول جديدة ومُبتكرة للتخفيف من فوضى المرور فى الشارع المصرى، مستلهمين الروح الجديدة التى سرت بين أبناء الشعب؟

(٤) سؤال أخير إلى د. عصام شرف وهو أستاذ هندسة الطرق الكبير.. بالله عليك أليس من العار ألا يكون فى القاهرة الكبرى كلها شارع واحد مرصوف بطريقة علمية سليمة؟

أثناء كتابتى هذا المقال قرأت للكاتب الصحفى المحترم علاء الغطريفى مقالا يسرد فيه واقعة استقبال محافظ أسيوط للسيد عبود الزمر والاجتماع به والاستئناس برأيه وطلب البركة والتأييد منه هو وجماعة معه.. فعرفت إجابة السؤال الذى وضعته عنواناً للمقال عن حركة المحافظين الأخيرة.. إنها فى جزء منها خيبة.. ولكنها فى الجزء الأكبر مؤامرة وراءها من أقض مضاجعهم هدير الثورة والثوار «الشعب يريد تغيير النظام».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق