اخر الاخبار

12‏/02‏/2011

أن تأتى متأخرا.. تخسر كثيرا /عماد الدين حسين

emad eldin hussein new
«
أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى أبدا» مثل شهير نكرره كثيرا، ورغم صحته فى مجالات متعددة إلا أنه لا يتطابق بالمرة مع الحالة المصرية الراهنة.كثيرون من المتابعين ألقوا باللوم الشديد على حسنى مبارك لأنه طوال الأزمة كان يتحرك متأخرا للغاية، و عندما كان يستجيب لمطلب يكون المتظاهرون قد تجاوزوا ذلك إلى مطلب جديد.
رأينا ذلك فى معظم الحالات الثورية المتشابهة كما حدث فى الحالة التونسية.. والمشكلة أن الحكام أو الطغاة أو المستبدين لا يرون أنفسهم كذلك يعيشون دائما حالة من الإنكار.. وعندما يشعرون بالضغط الشعبى والخطر على عروشهم يقدمون تنازلا بسيطا ــ يرونه كبيرا ــ هنا يثور المتظاهرون اكثر فيحصلون على تنازل جديد لكنه يكون ايضا متأخرا عن موعده كثيرا.
هناك ما يشبه الإجماع بأن مبارك لو كان أعلن خطاب التفويض لعمر سليمان مساء الأربعاء قبل الماضى وقدم اعتذارا لأهالى الضحايا لربما رفعه المصريون فوق رءوسهم، لكنه فعل ذلك متأخرا ثمانية أيام فى لحظة كان معظم المتظاهرين يريدون محاكمته قصاصا لدم الشهداء.
الآن ما هو العمل بعد الخطاب الذى أحبط المتظاهرين والمعتصمين ومعظم الشعب؟.
لو أدرك من بيدهم الأمر هذه الحقيقة وضغطوا في اتجاه تقديم التنازل للشعب فى اللحظة المناسبة لانتهت المشكلة فورا.
يستطيع هؤلاء الممسكون بمقاليد الأمور أن يتخذوا قرارا ثوريا يستجيب للمطالب الشعبية كاملة وفى التوقيت المناسب.
فى ظل إعلان القوات المسلحة أنها الضامن لكل الإصلاحات عبر جدول زمنى معلن.
لو حدث ذلك فسوف يعود المتظاهرون لمنازلهم وتبدأ مصر فى الفترة الانتقالية.
هذا هو الحل الأمثل خصوصا أن الشعب يثق تماما فى القوات المسلحة، أما البديل لذلك فهو السيناريو الكابوسى.
هذا السيناريو بدأنا نرى بعضا من ملامحه فى الأيام الآخيرة.
تخيلوا أن تستمر الأزمة، ، ثم تتوسع إلى إضراب عام يتطور إلى عصيان مدنى.
سلوك المتظاهرين فى ميدان التحرير ومعظم الميادين كان حضاريا، لكن بعض المظاهرات القطاعية والفئوية التى خرجت خلال الأيام الماضية تنذر بعواقب قد تقود إلى فوضى لا مثيل لها.
أعلم أن غالبية هذه المظاهرات بريئة ونبيلة ومطالبها عادلة بالطبع، لكن بعضها تطور للأسوا بعد انضمام غوغاء ومحبطين وقيامهم بعمليات تدمير للمنشآت العامة بصورة عشوائية.
ومع اتساع المطالب الشعبية يشعر بعض المظلومين أن الوقت الراهن هو فرصتهم الذهبية للحصول على حقوقهم المهدرة.. ثم يسعى هؤلاء للحصول على ما يعتقدون أنه حقهم.. بيدهم.. ورأينا نماذج خطيرة عندما أحرق متظاهرون مبنى محافظة بورسعيد واستراحة المحافظ.
مثل هذا السلوك غير مقبول لأن إعادة بناء هذه المنشآت سيتم بأموال دافعى الضرائب من الموظفين البسطاء وليس من أموال أحمد عز أو حبيب العادلى أو حتى حسنى مبارك.
تخيلوا أن يحدث الانفلات ويدخل الغوغاء إلى الثورة فينزلق الجميع إلى حرب أهلية قد نعرف من بدأها لكننا لن نعرف كيف تنتهى؟!.
من أجل هذا السيناريو الكابوسي فكل ما نرجوه أن يتحرك أصحاب الأمر لاتخاذ قرار عاجل ليشعر المتظاهرون أن مطالبهم تم الاستجابة لها ولنجنب مصر مصيرا لا نعرف هل يكون مثل لبنان والعراق أم السودان والصومال؟!
نحن حتى الآن قدمنا ثورة أذهلت العالم فى رقيها.. فيا أيها الممسكون بالأمور.. لا تحولوها إلى فوضى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق