اخر الاخبار

14‏/02‏/2011

أيكون الاعتصام هو الحل؟

fahmy howaidy
سؤال الوقت فى ميدان التحرير هو: هل ينفض الاعتصام الذى دخل أسبوعه الثالث أم لا؟.. معلوماتى أن الأغلبية تؤيد فض الاعتصام، وأن لجنة النظام التى كانت تتولى أمر الدخول إلى الميدان أنهت مهمتها فعلا، إلا أن الأقلية المؤيدة للاستمرار لا يستهان بها، لأنه إذا كان عدد المقيمين فى الميدان يقدر بعشرات الألوف فى الأيام العادية، فإن تلك الأقلية السابقة الذكر تضم عدة ألوف. وبالتالى فانها ليست من قبيل الأعداد التى يمكن تجاهل حضورها
.
مما سمعته، فإن رأى كل طرف لا يخلو من وجاهة. ذلك أن رحيل الرئيس مبارك ونائبه الذى اكتشفنا أنه نسخة أخرى منه بعدما أحسنا به الظن حينًا من الدهر، هذه الخطوة بالغة الأهمية، تشكل المفتاح الأساسى للتحول التاريخى الذى حدث فى مصر

.
أما الخطوات التى يفترض أن تتم بعد ذلك، فهى من مسئولية السلطة الجديدة والمجتمع الذى ينبغى أن يظل مفتوح الأعين لحراسة المكسب الكبير الذى حققه. فى رأى دعاة فض الاعتصام أيضا أن إخلاء ميدان التحرير لن يعنى اختفاء الغاضبين أو ذوبانهم، لأن الروح الجديدة التى سرت فى مصر لن تنطفئ جذوتها بسهولة. بما يعنى أن جموع الغاضبين ستظل حاضرة ومستنفرة، بحيث يكون بمقدروها أن تعود إلى الاعتصام إذا جد ما يستدعى ذلك مرة أخرى.
من رأيهم أيضا أن استمرار الاعتصام حتى تتحقق المطالب متعذر من الناحية العملية، ليس فقط لأن المعتصمين قد تضعف همتهم وتتراجع أعدادهم إذا طال بهم الأجل فى الميدان، ولكن أيضا لأن حجم التشوهات التى خلفها النظام السابق من الجسامة بحيث إن إصلاح ما أفسده يحتاج إلى وقت لا يعلم بحدوده إلا الله.
باختصار فإن هذا الفريق يرى أن جماعات الغاضبين أدت ما عليها، حين أعادت إحياء الأمل فى ربوع مصر، وعلى المجتمع ممثلا فى فئاته ومؤسساته المختلفة أن يتحمل مسئوليته تجاه تحقيق ذلك الأمل.
معارضو فض الاعتصام يقولون إن غضبة الملايين ودماء الشهداء والجرحى التى سالت تستحق أن تستمر الوقفة فى ميدان التحرير للاطمئنان إلى أن الثمن الذى دفع لم يذهب هباء. وفى رأيهم أن موقف قيادة القوات المسلحة كان شريفا ونبيلا حقا، لكن البيانات التى صدرت عنهم حتى الآن لجأت إلى التعميم وإطلاق الوعود، دون أى إشارة إلى آجال زمنية محددة تطمئن الناس إلى توقيت انجاز تلك الوعود.
على صعيد آخر، فان ثمة تصرفات تقلق المعتصمين وغيرهم، منها مثلا أن بعض زملائهم يتم اعتقالهم واقتيادهم للاستجواب فى مقر المتحف المصرى المطل على ميدان التحرير. وتروج بينهم أخبار أن بعض غرف المتحف كانت قد خصصت لتعذيب المتظاهرين، على الأقل قبل تنحى الرئيس مبارك. صحيح أن أغلب الذين يتعرضون للاستجواب يطلق سراحهم بعد ذلك، لكنهم لا يعرفون مصير زملائهم الذين يستبقون، ولا يعرفون ما هى الجهة التى تتولى استجوابهم، لأن الذين يقومون بهذه المهمة يرتدون ثيابا مدنية تخفى هويتهم الحقيقية.
فى هذا الصدد، فإنه يقلقهم أن المحققين لايزالون يسألون المتظاهرين الموقوفين عما إذا كانوا مدفوعين من أى جهات خارجية أم لا. ويضاعف من قلقهم وإدراكهم أن الجهات التى تتولى تلك التحقيقات يبدو أنها لم تقتنع بعد بأن تلك ثورة وطنية قام بها أبناء مصر الشرفاء، وأنها كانت تعبيرا عن أشواق مصرية وليست تنفيذا لأجندات أجنبية، كما ذكر اللواء عمر سليمان فى حواره مع التليفزيون الأمريكى الذى أهان فيه الشعب المصرى، حين اعتبر أنه غير مؤهل للممارسة الديمقراطية.
يقولون كذلك إن من حق مصر الغاضبة قبل أن ينهى أبناؤها اعتصامهم أن يتحققوا من اتخاذ خطوات عملية من جانب القادة الجدد، تتمثل مثلا فى إطلاق جميع سجناء الرأى، وفى إلغاء المحاكم العسكرية والاستثنائية، وفى تحديد موعد لإنهاء حالة الطوارئ حتى يسترد المجتمع كرامته ويتحرر من الوصاية والذل. وإذ رحبوا بإقالة وزير الإعلام الذى كان رمزا كريها لعصر ما قبل 25 يناير، إلا أنهم يعتبرون أن الإعلام المصرى الرسمى والصحف القومية على الأقل لاتزال فى قبضة رموز ذلك العصر. من ثم فإنهم يخلصون إلى أنه ما لم يتحقق شىء من ذلك سيظل الاعتصام هو الحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق