اخر الاخبار

19‏/02‏/2011

الشعب يريد إسقاط النظام

fahmy howaidy نريد أن نبقى على الهتاف مدويًا فى الفضاء المصرى، لأننى صرت أسمعه فى الجزائر تارة وفى عدن وصنعاء تارة أخرى، فى حين اختفى من مصر تماما. لذلك خشيت أن يظن الذين ظلوا يرددونه كل يوم طوال أسبوعين على الأقل أن مهمتهم قد انتهت حين تنحَّى «الرئيس» عن منصبه.
ما دعانى إلى الدعوة إلى استحضار النداء أن ما نشهده الآن فى مصر يذكرنا بأن رأس النظام وحده الذى سقط فى حين أن جسمه لايزال موجودا ولم يكف عن الحركة التى لا نستطيع أن نطمئن إلى براءتها. فثمة إشارات لاحت مؤخرا، بدا منها أن بعض المنتفعين بالنظام يحاولون الالتفاف على الثورة، ولا نستبعد منهم أن يسعوا إلى إجهاضها. ولا سبيل إلى التصدى لذلك إلا بدق الأجراس التى تلفت الأنظار إلى أن الشعب غير مستعد للتنازل عن مطلب إسقاط النظام، كما تنبه إلى محاولات القفز والإجهاض التى يراد لها أن تختطف الثورة أو تفرغها من مضمونها.
أدرى أنه لم تمض سوى أيام معدودة على تنحى الرئيس مبارك وتولى المجلس العسكرى للسلطة فى البلاد. وأعرف حجم المهام الجسام التى ينهض بها المجلس فى إدارته لمجتمع تعرَّض للنهب والتشويه والإفساد طيلة ثلاثين عاما. كما إننى لا أستطيع أن أتجاهل أن المجلس سارع إلى إصدار عدة قرارات لمحاربة الفساد والحفاظ على ثروة البلد أدت إلى حبس بعض كبار المسئولين السابقين ومنع آخرين من السفر والتحفظ على أموالهم. ولا نستطيع أيضا أن نتجاهل أخبار الضغوط الداخلية الممثلة فى الإضرابات والمطالبات التى انتشرت فى بعض المؤسسات والوحدات الإنتاجية، وكذلك ضغوط الدول الكبرى التى تريد لحركة الثورة أن تتساوق مع استراتيجيتها وحساباتها الإقليمية. وهو ما يصور مدى جسامة المسئولية الملقاة على كاهل العسكريين الجدد، كما يصور حجم الجهد الهائل الذى يبذلونه لتحقيق الإنجاز والاستقرار على كل تلك الجبهات.
نقدر ذلك الجهد، إلا أننا لا نستطيع أن نخفى قلقا إزاء المعلومات التى تسربت حول موقف فلول النظام الذى دعت الثورة إلى إزالته. هذه المعلومات تقول إن أركان النظام السابق الذين لم يختفوا تماما يتحركون، وأن تحركاتهم تلك ليست فى صالح الثورة، يشجعهم على ذلك أن رجالهم لايزالون موجودين على رأس المؤسسات الإعلامية التى أسهمت طول الوقت فى التضليل والكذب والتشويه، كما أنهم على رأس المؤسسات الأمنية التى مارست القمع والتعذيب وإذلال المصريين، وفى مقر رئاسة الجمهورية التى لاتزال جسورها مفتوحة مع الرئيس السابق. وثمة تسريبات تحدثت عن أن بعض المنتفعين من الحزب الوطنى الذى أحرقت الجماهير مقره بدأوا يتحركون خلال الأيام القليلة الماضية، وانهم شرعوا فى الإعداد لخوض الانتخابات القادمة، تحت مسميات أخرى، من ناحية أخرى، فهناك تساؤلات حول الأيدى التى حركت الإضرابات والاعتصامات التى جرت مؤخرا فى العديد من المصانع، وحول ملابسات خروج جماعات من السلفيين فجأة فى أكثر من مظاهرة رفعت شعارات مريبة فى مضمونها وفى توقيت إطلاقها. وهناك شك فى أن يكون ذلك كله مرتبا لإحداث الفوضى وإثارة الفتنة فى البلاد.
أدرى أن المجلس العسكرى تولى السلطة منذ أيام قليلة وانه يُظلم إذا طولب بتغيير كل شىء فى البلاد خلال تلك الفترة الوجيزة إلا أننى تمنيت عليه أن يتبنى مواقف معلنة تهدئ الخواطر وتزيل أسباب البلبلة والشك التى بدأت تراود البعض. وهو ما تحققه إجراءات من قبيل إطلاق سراح سجناء الرأى والذين انتهت محكومياتهم ولايزالون تحت الاعتقال، وتنحية القيادات الإعلامية والأمنية التى لوثت عقول الناس وأذلتهم طوال الثلاثين عاما الماضية، والوعد بوقف التعذيب وإغلاق مقاره التى اعتبرت فروعا لجهنم، وحظر الاعتقال العشوائى الذى لاتزال أجهزة النظام القديم تمارسه حتى هذه اللحظة.
إننا لم نعرف حتى الآن من الذى أصدر قرار سحب الشرطة وفتح السجون وإثارة الفوضى، ولا مَن المسئول عن قتل المئات وجرح الآلاف، وبالتالى لم يحاسب أحد على تلك الجرائم، الأمر الذى يضيف أسبابا جديدة للحيرة والبلبلة.
من ثم فما لم يقدم المسئولون فى المجلس العسكرى على شىء من هذه الخطوات، أو على الأقل يعدون بإنجازها فى توقيتات محددة، فإننا ينبغى ألا نتوقف عن الهتاف قائلين: الشعب يريد اسقاط النظام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق