اخر الاخبار

14‏/01‏/2012

الإخوان: مشاركة أم مغالبة؟ بقلم ضياء رشوان

تملأ الساحة السياسية المصرية هذه الأيام شائعات وتكهنات كثيرة بشأن التشكيل المقبل لهيئة مكتب مجلس الشعب الجديد، سواء رئيسه أو وكيليه أو رؤساء ووكلاء لجانه التسع عشرة. وفى نفس الوقت الذى تجرى فيه الشائعات وتنشر وسائل الإعلام التوقعات تدور اجتماعات وتتواصل مشاورات ومفاوضات داخل وبين كل أحزاب وتكتلات مجلس الشعب الجديد للتوصل إلى اقتراحات نهائية بشأن تشكيل هيئة مكتب المجلس.
فبداخل حزب الأغلبية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين حزب «الحرية والعدالة» تتواصل اجتماعات الهيئات العليا للحزب والجماعة من أجل حسم الرأى والترشيحات فيما يخص المناصب الرئيسية فى المجلس الجديد، وبخاصة رئيسه ووكيلاه ورؤساء اللجان الأساسية. ويبدو أن هناك رأيين داخل الحزب والجماعة فيما يخص رئيس المجلس، يرى أولهما ضرورة أن يكون من أعضاء الحزب والجماعة القياديين، لأنه سيكون المنصب الوحيد الذى سيمثلان به فى النظام السياسى الجديد فى ظل عدم وجود أحد أعضائهما مرشحاً لرئاسة الجمهورية، واحتمال أن يتولى رئاسة الحكومة إحدى الشخصيات المستقلة فى تشكيل ائتلافى واسع. أما الرأى الثانى فيميل إلى أن يكون منصب رئيس المجلس لإحدى الشخصيات المستقلة القريبة من الإخوان حتى تؤكد الجماعة عدم رغبتها فى الاستئثار بالمناصب الرئيسية فى الدولة، وتفتح الباب للتعاون والتنسيق مع القوى والأحزاب السياسية الأخرى. والأكثر ترجيحاً حتى اللحظة أن الرأى الأول هو الأقرب للتنفيذ داخل الإخوان، حزباً وجماعة، وأن يكون رئيس المجلس الجديد من قياداتهما المعروفة والأقرب منها هو أحد الدكتورين: محمد سعد الكتاتنى وعصام العريان.

فى نفس هذا الوقت تجرى بقية الأحزاب والكتل مشاورات مستمرة منذ أيام للتوصل إلى توزيع ملائم للمناصب الرئيسية فى المجلس الجديد ومواجهة احتمالات التوجه الإخوانى للهيمنة عليها كلها أو على أغلبيتها الرئيسية. وما تطمح إليه هذه الأحزاب والكتل غير الإخوانية هو أن يكون هناك تمثيل مناسب للجميع فى مناصب المجلس الجديد القيادية، دون أن يحرم هذا حزب الأغلبية من حقه فى تولى المناصب الرئيسية منها. وعلى الرغم من أن التوصل لمثل هذا الأمر يستلزم تواصلاً بناءً ومباشراً مع الإخوان، وبالرغم من أن هناك قنوات مفتوحة بين الجانبين، فإنها ليست عميقة ولا متواصلة بما يحقق هدف التوافق الذى يتم السعى إليه.

وفى كل الأحوال فإن نتيجة التصويت على مناصب المجلس الجديد الرئيسية وهيئة مكتبه ستكون لها نتائجها ودلالاتها المهمة على مجمل التطور السياسى فى البلاد بعدها، فإذا أصر الإخوان على الهيمنة على أغلبيتها تاركين القليل أو الأقل أهمية منها للأحزاب الأخرى، فإن ذلك سيعطى مؤشراً سلبياً خطيراً لعمل البرلمان كله فى المستقبل بما فى ذلك تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور والحكومة الجديدة، بما يعنى هيمنة الإخوان عليهما وتحويل بقية الأحزاب والكتل إلى مجرد معارضة غير مشاركة فى صياغة النظام السياسى الجديد للثورة.

أما إذا تغلبت الروح التوافقية على الإخوان، حزباً وجماعة، وقبلوا توزيع المناصب الرئيسية لمجلس الشعب بصورة متوازنة بين جميع الأطياف السياسية والحزبية، فإن هذا سيفتح الباب أمام بناء النظام السياسى الجديد للثورة بكل أركانه الدستورية والمؤسسية على قاعدة المشاركة وليس المغالبة بما يتيح لمصر وشعبها أن يعيشا تجربة ديمقراطية حقيقية يؤسسها الجميع معاً ثم يختلفون بعدها فى طريقة إدارتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق