اخر الاخبار

06‏/01‏/2012

هكذا هى مصر دائمًا بقلم حسن المستكاوي

هذا مقال مدفوع بأحداث حالية أظنها تاريخية، وبظروف أراها بصدد صناعة مستقبل قريب وبعيد.
** لم تعرف مصر التحزب والتعصب، واكتسب المصرى منذ آلاف السنين ما يسمى بحضارة وسلوك النهر.. فهذا النهر العظيم الذى يحمل للبلاد الخير، أضفى على الشخصية المصرية الطيبة والقناعة وصبر الانتظار، وأخذ منها العنف والشراسة، فلا توجد تحديات طبيعية قاسية فرضت على أبناء هذا الوطن نزعات التحفز والتحدى. كما أن مصر بموقعها ظلت ملتقى الحضارات والثقافات، وامتزجت حضاراتها بتلك الحضارات، لكن الحضارة المصرية إبتلعت وهضمت كل حضارة وكل اختلاف.. ومصر منذ زمن يضىء نورها إقليمها المحيط، وتحرق نارها إقليميا المحيط.. ويضفى استقرارها الاستقرار على إقليمها المحيط.** مصر هضمت الهكسوس، والشيعة فى دولة الفاطميين، والبطالسة والرومان، وقاومت الإسكندر والأتراك، والحملة الفرنسية، والاحتلال الإنجليزى. ولم تفقد شخصيتها أبدا. تلك الشخصية الوسطية السمحة، وكان المجتمع المصرى دائما يعيش كل التناقضات، يكفى النظر إلى مطلع القرن العشرين، فالفقراء والطبقة الوسطى، وهم الأغلبية محافظون، يتمسكون بعادات وبتقاليد موروثة من القرن التاسع عشر، أما الأغنياء فقد كان مجتمعهم مفتوحًا ومتفتحًا، واللغة الفرنسية هى لغة الحوار، وحتى الأسماء التى تطلق على المصانع والشركات والمحال التجارية كانت فرنسية، وكان لجوء أغنياء مصر للغة الفرنسية مظهرًا من مظاهر رفض ومقاومة الاحتلال الإنجليزى الذى بدأ عام 1882 وانتهى عام 1956 دون أن يترك اثرا على الثقافة أو على الشخصية المصرية، ربما أخذ المصريون ما يستفيدون به، من فن وعلم وثقافات.. لكن هذا لم يأخذ منهم.

** فى مطلع القرن العشرين كان عدد سكان مصر 11 مليونًا، وعدد سكان القاهرة أقل من 700 ألف وكانت القاهرة هى عاصمة النور فى الشرق الأوسط، تجذب الأجانب، الذين وصل عددهم إلى 30 ألف شخص. ورغم أن القاهرة كانت تعتبر باريس الشرق، فإن المرأة المصرية كانت تخاطب الرجل من وراء الحبرة والبرقع واليشمك. وكان المغانى، (المغنين) يحيون الحفلات للرجال فقط. وتعتبر السنوات من 1900 إلى 1907 فترة الذروة بالنسبة لسياسة غزو رأس المال الأجنبى والمغامر للاقتصاد المصرى. واتسمت تلك الفترة بالمضاربات المحمومة فى البورصة والعقارات، وتأسست نحو 119 شركة برأسمال أجنبى فى الفترة من 1905 إلى 1907.
** ورغم الاحتلال، كانت مصر دولة تملك اقتصادًا طيبًا يقوم بالأساس على زراعة القطن وتصديره، بينما كانت الصناعة شيئًا ثانويًا، ففى إحصائية أجريت عام 1902 أشير إلى أن حجم رأس مال الشركات المساهمة العاملة فى مصر بلغ نحو 45 مليون جنيه. لم يتجاوز نصيب الصناعة منها 4 ملايين جنيه. وكانت أهم الصناعات المصرية هى الطرابيش، والسجائر، وغزل القطن، وتقطير السكر.

** وفى سنة 1907 كانت تصدر بمصر 32 جريدة باللغة العربية، و22 جريدة باللغات الأجنبية. وكان أهل الشام وراء معظم وأنجح الصحف المصرية كما شاركوا فى صناعة السينما المصرية الرائدة فى المنطقة، فقد كانت الثقافة والحرية والديمقراطية والنهضة تمضى فى طريقها بلا توقف، وتضيف نورا على روح عقل المصريين.. هكذا هى مصر دائما.. وهكذا ستبقى مصر دائما بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق