اخر الاخبار

19‏/02‏/2012

مشاهد فى خلفية الكارثة بقلم حسن المستكاوي

●● بقدر ما كان مزعجا وخطيرا هذا الحصار الذى فرض على بورسعيد، كإجراء انتقامى بغيض يؤكد حالة التطرف التى أصابت هذا المجتمع.. يزعجنى جدا ما أراه من مشاهد تجرى فى خلفية مشهد الكارثة المفزعة، حتى أن هذه المشاهد تتقدم تدريجيا إلى مقدمة المشهد، وتتوارى تدريجيا الجريمة التى وقعت.
●● كأنه لم يسقط ضحايا وقتلى، وكأنه لم يكن شغبا ولا عنفا فى استاد المصرى ببورسعيد.. وها هو الهجوم المضاد يشتعل بالصوت العالى والصخب، والمظاهرات التى تطالب بعودة أبوعلى وعودة التوأم، وعودة الفريق، واللعب فى بورسعيد، أو فى المقاولون، وكمان اعتماد فوز المصرى على الأهلى، وعدم توقيع أى عقوبة على الفريق أو النادى أو الملعب.. ومازال صاحب القرار يتثاءب فيما يتعلق بالجانب الرياضى، وهذا ما حذرنا منه.. أن يتوه القانون وسط إشكالية الدفاع عن بورسعيد وتبرئة بورسعيد، وتضيع المثل والقيم الرياضية فى انتظار تحقيقات جنائية من النيابة، وتضيع نتائج الكارثة وحقيقتها وأسبابها، وبأنها من موروثات احتقان مجنون وقديم بتوجيه أصابع الاتهام إلى بلطجية من الخارج، ولا نعرف أى خارج تحديدا..؟
 ●● يا ناس.. وقعت جريمة قتل عمدا أو نتيجة تصرف جماعى همجى وأهوج من جمهور أسفر عن سقوط قتلى بأسباب التدافع.. فى النهاية سقط ضحايا نتيجة اقتحام ملعب، واقتحام مدرج، واقتحام القانون والنظام العام.. ألا تعاقب الأندية والملاعب حين تلقى الحجارة من المدرجات.. ألا يجب أن يعاقب النادى الذى ألقت مجموعة من جماهيره شبابا صغيرا من المدرجات؟

●● أنا لا أصدق هذا الصمت العام.. لا أصدق صمت البرلمان، وصمت الميدان، وصمت الوزارة، وصمت الحكومة، وصمت المجلس القومى، وصمت المجلس العسكرى، وصمت الجميع عن اتخاذ قرارات عقابية بشأن الفريق والملعب.

●● فى يوم من أيام سنوات الثمانينيات وقفت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا فى البرلمان وقالت إن جماهير كرة القدم الإنجليزية وصمت الرياضة كلها بالعار والخزى والدم، وأيامها كان البرلمان أول من سارع بتشريعات تجرم الشغب وتعاقب بقسوة وشدة كل من يخرج على القانون.. لم يندفع عضو واحد فى تبرير وتمرير الجريمة تحت أى مسمى.. وكان عقاب الاتحاد الأوروبى للأندية الإنجليزية سريعا وقويا أيضا.. لم ينتظر تحقيقات النائب العام فى بلجيكا.. لا أصدق أن البعض تحدث عن الإعلام المغرض وعن «الإعلام الأحمر» وتأثيره.. وانه لم تكن الضحية من جمهور الأهلى لما قامت هذه الضجة.. أى إعلام أحمر أو أسود؟.. لا أصدق هذا التهريج وهذا التسطيح وهذا التعصب وهذا المرض.

●● وقعت كارثة، وتوقف الدورى، ورحل اتحاد الكرة، وهبت رياح الغضب وعلت أصوات فى الأندية التى تمثل الجمعية العمومية تطالب بتطهير الاتحاد.. وعلى ما أتذكر وبقدر ما أعرف أن تلك الجمعية العمومية هى التى تختار ممثلها ورجالها ورجال الاتحاد.. فى هذا الزمن يقول من يقول، ويدعى من يدعى، ويعظ من يعظ.. فقط يبقى عندى جملة هى حكمة: لن أحزن بأكثر مما حزنت، ولن أيأس بأكثر مما يئست، ولن أتوقف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق