اخر الاخبار

12‏/02‏/2012

«الصهيوإسلامية»..!! بقلم سليمان الحكيم

لم يكن «الإسلاموفوبيا» بالنسبة لنا ـ نحن المسلمين ـ خوفاً من الإسلام، بل كان وسيظل خوفاً من الإسلاميين، الذين راحوا ينسبون أنفسهم للإسلام بدلاً من أن ينسبوا الإسلام لأنفسهم، فأصبحوا هم والإسلام شيئاً واحداً، كلما اقترب أحد منهم بالنقد المؤسس على اختلاف فى المنهج سارعوا باتهامه بأنه معاد للإسلام نفسه وليس لهم كإسلاميين،
 ذلك لأنهم يدّعون لأنفسهم الحق فى تمثيله والدفاع عنه كما لو كان الإسلام سلعة يحتكرون علامتها التجارية!
لقد كان الإسلام نفسه منذ الأيام الأولى للتبشير به ديناً سماوياً.. موضوعاً لأولى الألباب وأصحاب العقول الذين يفقهون ويتفكرون ويتدبرون ـ كما ورد فى آيات القرآن الكريم ـ فما بالنا بسلوك وتصرفات المسلمين من البشر الذين ينسبون أنفسهم إليه، مدّعين أنهم أصحاب الحق فى النطق باسمه والتعبير عنه،خاصة فى مجال المعاملات المنظمة لعلاقات البشر بعضهم ببعض فى المجتمع الإنسانى، وهو المجال الذى نطلق عليه الآن مجال السياسة،
والذى يتسع أكثر للأخذ والرد أو القبول والاختلاف، نظراً لتباين الظروف من مكان إلى مكان ومن عصر إلى عصر، مما يستوجب التفكير والتدبر ويجعله فريضة على المسلمين بحثاً عن المصلحة التى لا تجعل من الدين قيداً عليها وعائقاً يحول بين المسلمين وبين الوصول إليها، وهو ما تنبه له ابن قيم الجوزية، حين قال: «حيثما توجد المصلحة فثم شرع الله»، أى أن الهدف الأول للشريعة ومقصدها هو المصلحة إذا ما تحققت فى أمر من الأمور كان شرعياً.

هذا هو الإسلام، وهذه شريعته كما نفهمها، فإذا ما اختلفنا فى تحديد المصلحة، أو طرق الوصول إليها فإننا لا نكون بذلك قد خالفنا الشريعة، أو اختلفنا مع الإسلام، فاختلافنا هنا خلاف مع إسلاميين وليس اختلافاً عن الإسلام، أو خلافاً معه، حتى يأتى هؤلاء ليضعونا فى صفوف الأعداء والكفرة، الذين يستحقون سخط الرب وسخطهم.

منذ الأيام الأولى للدعوة الإسلامية لم يكف المسلمون عن الخلاف فيما بينهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالشؤون السياسية والدنيوية، والذى حسمه الرسول قائلاً: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، فكان الخلاف بين «على» و«معاوية» وكلاهما صحابى جليل، خلافاً سياسياً، لايزال يعيش بيننا إلى اليوم فيما نراه بين السنة والشيعة.

 وبين السنة والسنة، والشيعة والشيعة خلافات مذهبية، نراها فى الفرق المتعددة لكلا المذهبين.

هكذا هو الحال منذ أن دخل المسلمون بدينهم إلى مضمار السياسة فأفسدوا الدين بالاختلاف، وأفسدوا السياسة بالعراك والتشرذم، فإذا قلنا لهم ذلك مؤيَّدِ بوقائع التاريخ، وشواهد الواقع، اتهمونا بالعداء للإسلام،

 وهى تهمة لا تختلف فى شىء عن اتهام إسرائيل لكل منتقدى ممارساتها السياسية بالعداء للسامية، حتى إن بعض اليهود أنفسهم ممن يوجهون اللوم لإسرائيل أو ينتقدون سياساتها لم يسلموا من هذا الاتهام الذى يستوجب العقاب والمؤاخذة، فإسرائيل هى الممثل الشرعى والوحيد لليهودية،

وهى الوكيل صاحب العلامة التجارية لهذا الدين السماوى، وكل من ينتقد الصهيونية، التى هى دعوة سياسية، يصبح معادياً لليهودية والسامية، فهل يختلف الإسلاميون عندنا فى شىء عن أصحاب الدعوة الصهيونية الذين يحيلون الخصومة معهم إلى خصومة مع الله وشعبه المختار؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق