اخر الاخبار

12‏/02‏/2012

المرشد أم الرئيس !

لم يكن موقف الإخوان وجماعات الإسلام السياسي من دعوات العصيان المدني غريباً أو شاذاً ؛ فالجماعة المحظورة - وفق القانون المصري الحالي -  التى ظلت تنادى بالحرية والديمقراطية طيلة ثمانون عام أو أكثر تارة بالجناح العسكري وتارة بقال الله وقال الرسول، قد أعلنت منذ اليوم الأول للثورة المصرية بصراحة وبدون مواربة بأن الحفاظ على الجماعة وحمايتها هى المهمة الأولى والأخيرة لكل توجهاتها ومواقفها السياسية.
ويكفيني أن أذكر الجميع بموقفها الرسمي الواضح من الدعوات التى أطلقتها الحركة الشبابية الوطنية والتي تستحق التكريم ( حركة 6 إبريل )، للخروج والاحتجاج فى الشارع على غرار النموذج التونسي فى بداية العام المنصرم ، حينها قالت الجماعة أنها لن تشارك فى عيد الطغاة ( عيد الشرطة 25 يناير ) وسار خلفها كل الأحزاب الكرتونية الموجودة على الساحة الآن والتي للغرابة تتحدث باسم الثورة والثوار !.

لقد خشيت الجماعة على نفسها من العصي الأمنية المتوحشة للنظام البائد، وأرعبتهم ميلشيات الأمن المركزي، بينما وقف الشباب المتهم زوراً وجهلاً من المجتمع بتبنيه أجندات خارجية، يتلقى الضربات بعزيمة صلبة وإصرار مدهش، وحين هربت الشرطة وعادت لجحورها وحل الجيش بديلاً لها، ظهرت الجماعة لتؤيد الثورة التى رفضتها فى بدايتها، وأيقن مرشدها أن الفرصة باتت سانحة للانقضاض على مقعد الحكم حتى لو تحت إشراف جنرالات المخلوع.

وكعادته المتوارثة صفق لها شعب القناة الأولى وأختارها بحجة الدفاع عن الإسلام ضد المؤامرات التى تحاك ضده، وبايعها البيعة الأولى فى انتخابات البرلمان، لتحصد بمفردها نصف مقاعد البرلمان فى انتخابات قد تبدو نزيهة لكنها قطعاً لم تكن ديمقراطية.

إذن لماذا تطالب الحركات الثورية الجماعة بأن تتخلى عن مغانمها التى آلت إليها بعد غزوة الصناديق ؟!، ما الذى تمنته الجماعة طوال ثمانون عام ولم يتحقق حتى تهتف ضد العسكري، أليس هو نفسه الذى سمح لها بمخالفة القانون الذى للمصادفة هو من وضعه، بإنشاء حزب سياسى ديني، ألم  يكن هو من عفي عن  كبار رجالها وأخرجهم من السجون ، بينما يسجن الثوار ويفقع أعينهم ببنادقه وشرطته  العسكرية.

لقد قال سعد الكتاتنى إبان الثورة لبرنامج"  48 ساعة " على قناة المحور ، بأن الجماعة تطالب القوى السياسية بالالتفاف حول مبادرة نائب الرئيس حينها عمر سليمان ، ضارباً بكل تضحيات الشباب عرض الحائط الذين ظل هتافهم الشهير " الشعب يريد إسقاط النظام " يدوى فى سماء ميدان التحرير حتى يومنا هذا ، وهناك الكثير والكثير من المواقف والتصريحات التى تعبر عن الوجه الحقيقي للجماعة.

وترى من سيحكمنا الرئيس أم المرشد ؟!، من ستكون له الكلمة العليا ،الجناح السياسي والممثل فى حزب " الحرية والعدالة " أم المرشد ومجلسه – مجلس شورى الجماعة.

على أي حال يجب أن تعي جماعة الإسلام السياسي أن حالة العشق والغرام مع العسكري لن تستمر طويلاً، والتجربة الجزائرية خير دليل على ذلك، فالتملق للحاكم ونفاقه لا يأتي سوى من المستضعفين الذين يقول عنهم الدكتور محمد الغزالي فى كتابه " الإسلام والاستبداد السياسي " : " وطبيعة المستضعفين أن يسارعوا إلى مرضاة رؤسائهم ، وإجابة رغائبهم ولو داسوا فى ذلك مقدسات الأديان والأخلاق، والحاكم المستبد يبارك هذه الطبيعة ويغدق عليها، ولو راجعنا الصحائف السوداء لتاريخ الاستبداد السياسي فى الأرض لوجدنا مراءاة الحكام قد وطأت أكتاف المنكر، وأقامت للأكاذيب سوقاً رائجة، وقلبت الحقائق وصنعت الدواهي ".

إن الجرم الكبير الذى أرتكبه المصريون بإقصاء القوى المستنيرة والضامنة الوحيدة للتحول الديمقراطي الحقيقي خارج الحلبة السياسية، يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن مصر تتجه نحو الخندق الإيراني وكل أتباعه بالمنطقة، بما يعنى انضمام مصر

مصر لقائمة الدول المارقة – وفق التعبيرات الأمريكية – وأنها ستلعن ( أي مصر ) بمرض الاستبداد السياسي الممزوج بالطابع الراديكالي الإسلامي، وحينها سيصبح كل سياسى ليبرالي أو يساري او شيوعي على لائحة الاغتيالات المعنوية للجماعات الإسلامية المسلحة قريباً !.

يجب أن يعلم الجميع أن العلم والتقدم ليس له دين ولا يمكن اختزاله فى شعارات تدغدغ ألأحاسيس لكنها لا تقدم حلولا للمشاكل.


بقلم سعيد حامد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق