اخر الاخبار

10‏/02‏/2012

لقاء مع 50 ضابط شرطة عماد الدين حسين

قبل نحو أربعة أشهر اتصلت بى إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية وسألتنى: مادمت تنتقد الوزارة كثيرا، فهل أنت مستعد لمناقشة مجموعة من كبار الضباط فى الصورة التى ينبغى أن يكون عليها رجل الشرطة فى مصر؟
 رحبت فورا وشكرت اللواء مروان مصطفى مدير إدارة العلاقات العامة والعقيد هانى عبداللطيف المسئول عن الصحافة على الدعوة، لأننى مهموم فعلا بإصلاح جهاز الأمن.
لم أكن أنوى نشر مادة هذا اللقاء، لكن التطورات الحالية جعلتنى أغير رأيى.
 فى اليوم التالى ذهبت فورا إلى أكاديمية الشرطة، وهناك التقيت أكثر من 50 ضابطا ما بين عميد ولواء، جزء كبير منهم يعمل فى إدارات العلاقات العامة بمديريات الأمن على مستوى الجمهورية، أى أولئك الذين يحتكون ليل نهار برجل الشارع.
مجمل ما قلته خلال اللقاء إن الشعب يريد منكم أن تعودوا لأداء وظيفتكم، وهى باختصار أن تكونوا فى خدمته، وأن تكونوا حاسمين مع البلطجية فى إطار القانون، وإذا نجحتم فى ذلك فإن هذا الشعب هو أول من سيساندكم.

خرجت من اللقاء ــ الذى استمر أكثر من ساعتين ونصف الساعة ــ بأن أكثر من نصف الضباط يقبلون عقيدة أمنية جديدة ما دام كان هناك اتفاق مجتمعى عليها، وأنهم فى النهاية ينفذون سياسة تضعها المستويات العليا.

لمست فى اللقاء أيضا ــ الذى حضرته ضابطات شرطة ــ أن غالبية الضباط يريدون أن يتصالحوا مع الشعب، لكن معظمهم لا يعرف كيف يتم ذلك. قلت لهم إن الشعب المصرى بطبعه متسامح شريطة أن يكون الصلح على أسس واضحة، وهو ما يمكن اختصاره فى العقيدة الجديدة للشرطة. هذه العقيدة لا تعنى الخطة أو الاستراتيجية، كما يتصور البعض، بل تعنى أشياء كثيرة منها إيمان رجل الشرطة بأن وظيفته هى حفظ كرامة المواطنين وحقوقهم، وحفظ الأمن العام، وحماية منشآت الوطن وليس حماية نظام الحكم القائم.
مجمل ما سمعته من غالبية الضباط الحاضرين فى هذا اليوم كان مشجعا، وإن كان يحتاج إلى ترجمة على أرض الواقع. لكن الذى أقلقنى أن هناك بعض الضباط لا يزالون يعيشون فى جلباب حبيب العادلى. لم يكن من الصعب معرفتهم وتمييزهم، أحدهم تحدث بنبرة حادة ومنفعلة فلم يرَ فى الثورة إلا أنها انقلاب نفذته إيران وحزب الله وحماس وأمريكا وإسرائيل من الخارج والإخوان المسلمين والبرادعى من الداخل.

وعندما سألته: ماذا لو أعطى الشعب ثقته للإخوان أو البرادعى، أصر على وجهة نظره بأن هناك مؤامرة وأن بقية الناس عاجزة عن رؤيتها.

عدت للحديث مرة أخرى وقلت للحاضرين: ينبغى ألا تندمجوا فى اللعبة السياسية المتغيرة.. عليكم أن تكونوا مهنيين وأن أفضل دعاية للشرطة هى أن تحترم المواطن خصوصا البسيط عندما يدخل قسم الشرطة، وأن تحرص قدر جهدها على احترام حقوق المتهمين حتى لو كانوا متهمين بالقتل لأن ذلك هو دورهم.

تعجب بعض الحضور من كلامى وتخيل أننى قادم من كوكب آخر وليس من الصعيد. وعندما انتهى اللقاء ترسخ فى ذهنى أنه لو تم تطبيق ما قاله الضباط على أرض الواقع فقد نتحول إلى نموذج البلدان الأوروبية خلال خمس سنوات.

لكن صورة ونبرة ذلك الضابط ــ الذى أظنه كان يعمل فى أمن الدولة قبل الثورة ــ ظلت تطاردنى من يومها وحتى الآن. خوفى الرئيسى أن يكون نموذج هذا الضابط هو الأكثر تأثيرا. أتمنى أن تكون مخاوفى وهمية.. لكن من يستطيع أن يخبرنا حقيقة رأى وشعور ضباط الشرطة الكبار فى ثورة 25 يناير التى قامت أساسا للقضاء على سطوتهم وقمعهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق