اخر الاخبار

19‏/08‏/2011

نزيف العلاقة بين (العسكرى) وشباب الثورة بقلم: وائل قنديل

«صدر اليوم بعد العصر ــ وبعد رحيل المحامين ــ الحكم من المحكمة العسكرية ضد حسن محمود وكريم سيد (18 و23 عاما) لمدة 6 أشهر مع النفاذ بتهمة ترديد هتافات فى التحرير تشكل إهانة وسبا للقوات المسلحة، علما بأن الشابين كان قد تم اعتقالهما من ميدان التحرير ثانى أيام رمضان».
هذه هى الرسالة التى وصلتنى مثل كثيرين غيرى مساء أمس الأول من المحامين المدافعين عن الشباب الذى يحاكم أمام القضاء العسكرى، ويأتى هذا الحكم فى سياق جدل محتدم بشأن التصاعد الملحوظ فى معدل مثول شباب الثورة أمام النيابة والقضاء العسكريين، كان أبرز مظاهره التحقيق مع النشطاء أسماء محفوظ ومها أبو بكر ولؤى نجاتى.
وإن كان لهؤلاء حظ من الشهرة، فإن كثيرين غيرهم من الشباب العادى يحالون للتحقيقات، وتصدر ضدهم أحكام فى صمت، الأمر الذى يتطلب من القوى السياسية التداول فى حلول جذرية شاملة وفتح حوار جاد مع المجلس العسكرى لوقف هذا النزيف فى العلاقة بين «شريكى الثورة» وأعنى شبابها الجميل والقوات المسلحة.

إن الأمر بات فى حاجة ماسة إلى نقاش هادئ وعقلانى كى لا نصحو يوما لنفاجأ بأن «الخرق اتسع على الراتق» كما قال العرب الأولون، وأظن أن الموقف على جبهة تويتر وفيس بوك غير مطمئن على الإطلاق، فى الوقت الذى عاد فيه عدونا الإسرائيلى لحماقاته ووضاعته بعد العمليات الناجحة ضده أمس، خصوصا وكما تلاحظ فإن كثيرا من الشباب المحالين للتحقيق العسكرى فى المرحلة الجامعية أو من الخريجين الجدد، وهؤلاء بعد فترة قصيرة ربما يكونون فى سن التجنيد الإلزامى، وعليه لا يجب السكوت على ما يعترى العلاقة بين الطرفين من لحظات عصبية وغضب.

وأعلم أن القضية كانت حاضرة على الدوام فى لقاءات مثقفين وسياسيين مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مناسبات عدة، لكنها تطرح بشكل عابر وفى خضم عديد من الأمور الأخرى، على الرغم من أن هذه القضية تعد الأخطر الآن، وينبغى أن يجرى الاقتراب منها بشكل أكثر جدية وعلمية ورغبة حقيقية فى الخروج من إشكالية قد تتحول إلى مأزق مجتمعى خطير لو أهملناها أو تركناها للحلول الأمنية وحدها.

وسأكرر مرة أخرى أن هؤلاء المستدعين للتحقيق أو المحكوم عليهم عسكريا هم ممن اعتبرهم المشير طنطاوى فى خطابه بعيد ثورة يوليو نبت مصر الطيب، وتحدث عنهم بكل فخر، وظن أن الجميع يدرك أن هؤلاء الشباب وطنيون ومحبون لبلادهم بامتياز، ومتمسكون بأهداف وأحلام ثورتهم إلى آخر مدى، ويتحدثون ويسلكون انطلاقا من أن دماء أقرانهم وزملائهم سالت على الأرض تحت أعينهم، ومن ثم من الطبيعى أن تتسم لهجتهم بشئ من الحدة والسخونة، لا يجب أن ينظر إليها بعيدا عن سياقها.

إن اعتقال هؤلاء ومحاكمتهم وحبسهم لن يضيف شيئا إلى المجلس العسكرى والقوات المسلحة، بل سيجعلنا أسرى هذه الحالة من الشك والتوجس بين شباب الثورة من جانب والذين أعلنوا حمايتهم وشراكتهم للثورة من جانب آخر، وبما أننا على باب العشر الأواخر من رمضان، أيام العتق من النار، فإننا نرجو أن نتفق جميعا على ما يعتق مصر ويعفيها من هذا الاحتكاك الخشن بين شباب صنع ثورتها ومؤسسة وطنية محترمة وعريقة تقدمت لحماية هذه الثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق