اخر الاخبار

02‏/08‏/2011

طلب وقت مستقطع! بقلم د.حسن نافعة

قضيت معظم يوم الأحد الماضى فى مستشفى قصر العينى الجديد، لإجراء بعض الفحوصات الطبية، ولأننى أشعر، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، بحالة من الإجهاد الشديد، فقد توجهت إلى المستشفى هذه المرة، ولدىّ قناعة كاملة بضرورة التوقف عن العمل لبعض الوقت ومنح نفسى إجازة حقيقية، بصرف النظر عن نتيجة الفحوصات الطبية! ولأننى وجدت أنه من الضرورى، فى ظروف كهذه، توجيه كلمة إلى القراء الأعزاء، لتهنئتهم بحلول شهر رمضان المعظم، وللاعتذار عن عدم الكتابة خلال فترة إجازة قد تطول، فقد شرعت فور وصولى إلى المستشفى فى كتابة ما كنت أنوى تسطيره لينشر فى عدد أمس. غير أن سرعة إيقاع الفحوصات الطبية، من ناحية، وعدم القدرة على التحكم فى الوقت الذى تستغرقه هذه الفحوصات، من ناحية أخرى، حالا دون إتمام ما كنت قد بدأت فى تسطيره.يأتى شهر أغسطس لهذا العام متزامنا إلى حد التطابق مع شهر رمضان المعظم، مما سيضفى على تلك الإجازة، التى أحصل عليها لأول مرة منذ سنوات، مذاقا خاصا، من شأنه أن يحيلها إلى فرصة نادرة ورائعة للجمع بين الراحة والعبادة والتأمل فى الوقت نفسه. وأعتقد أن تجربتى فى الكتابة الصحفية ستكون من بين الأمور التى سأتوقف عندها متأملا، وسأعمل جاهدا لإخضاعها إلى عملية تقييم نقدى، أرجو أن يكون موضوعيا ومحايدا. ولأن مهنتى الأساسية هى البحث والتدريس فى الجامعة فكنت أفضل أن تظل علاقتى بالصحافة ثانوية، ومحدودة، ومرتبطة بأوضاع خاصة قد تغرى الباحث بالتعليق عليها أو بمحاولة التأصيل لها من وقت لآخر.

غير أننى وجدت نفسى، ولأسباب وعوامل كثيرة، كان بعضها خارج نطاق السيطرة، أنزلق رويدا رويدا نحو الكتابة الصحفية المنتظمة، خصوصا فى «المصرى اليوم»، بمقال أسبوعى أولا، ثم بعمود يومى بعد ذلك. ولأننى لست متأكدا مما إذا كانت هذه التجربة، التى استمرت لسنوات حتى الآن، قد خصمت منى أم أضافت إلىّ، فقد حان الوقت لإخضاعها إلى عملية تقييم موضوعى، خصوصا أنها تواكبت مع انخراطى بشكل متزايد فى عمل سياسى مباشر، كنت ومازلت محجما عن الاستغراق فيه كلية.

ربما يندهش القارئ، بل قد لا يصدقنى، إن قلت له إننى أفضل موقع القارئ على موقع الكاتب، وأفضل مشاهدة التليفزيون ومتابعة وسائل الإعلام الأخرى على الظهور أو الحديث فى أى منها.

 ورغم استمتاعى أحيانا بالكتابة فإن حجم المعاناة فيها أكبر من حجم المتعة المتحصلة منها، وعادة ما يكون الوقت المستهلك فيها خصما من وقت كان يمكن أن يستثمر بشكل أفضل فى القراءة. ومع ذلك، يقضى الإنصاف بأن أعترف بأن تجربة الكتابة الصحفية أتاحت لى فرصة التعرف على عدد ضخم من القراء من مشارب وتوجهات فكرية شديدة التنوع والاختلاف، لكن جمعهم الاهتمام بما أكتب وحرصوا على التعليق عليه ونقده وتحليله.

 ورغم أن بعض التعليقات النقدية لهؤلاء، خصوصا عبر «التفاعلى»، كانت لاذعة أحياناً إلى حد القسوة، فإننى أعترف بأننى استفدت منها جميعا. وإذا لم تخنّى الذاكرة فأظن أننى كتبت ذات مرة مؤكدا أن كتابات البعض، خاصة المهندس نبيه الجوهرى والسيدة مطيعة طايع، على سبيل المثال وليس الحصر، تعكس موهبة حقيقية وعمقا واضحا فى التناول. لذا أقول بكل الصدق إن تعليقات هؤلاء جميعا ستكون أكثر ما سوف أفتقده خلال الفترة المقبلة.

حصيلة تقييمى لتجربتى فى الكتابة الصحفية المنتظمة، والتى أعترف بأنها كانت خصبة على أية حال، ستضعنى حتماً أمام ثلاثة بدائل، يتعين علىّ الاختيار من بينها عقب انتهاء الإجازة. البديل الأول: استئناف الكتابة، وفق النمط الحالى نفسه. البديل الثانى: الاكتفاء بمقال أسبوعى والتخلى عن العمود اليومى. البديل الثالث: التوقف كليا عن الكتابة الصحفية المنتظمة، والاكتفاء بالتعليق على بعض الأحداث عند الحاجة.

نسأل الله أن يعيننا جميعاً على اتخاذ القرار الصحيح فى كل وقت. وكل عام وأنتم جميعا بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق