اخر الاخبار

02‏/08‏/2011

الصمت يقتل بالفعل بقلم: عمرو حمزاوي

 أستعير شعار احتجاجات الجمعة الماضية فى سوريا «صمتكم يقتلنا»، لأخاطب لليوم الثانى على التوالى الأغلبية الصامتة فى مصر وأدعوها لحسم اختياراتها لصالح دولة مدنية وعصرية تضمن الحرية والمساواة وتحقق العدل.
من غير المقبول أن تصمت أغلبية المصريين وهى ترى تيارات لا تقبل الرأى الآخر وتنزع إلى تكفيره وتخوينه تغزو المشهد العام والسياسى وتطمح للاستئثار به. لا اعتراض لدى على وجود الإسلاميين ولا عن تعبيرهم عن قناعاتهم، فقد دافعت عن هذا كثيرا وسأظل مدافعا عنه. فحرية التعبير عن الرأى لا تقبل التجزئة ولابد من الانتصار لها إن أردنا بناء الديمقراطية. إلا أن البون شاسع بين هذا وبين تعبير عن الرأى لا يحترم الديمقراطية برفض الرأى الآخر واستبعاده.
من غير المقبول أن تصمت أغلبية المصريين على توظيف التيارات هذه للدين ولشرع الله وللشريعة بصيغة حدية واحتكارية تخيف الناس من مجرد الحديث عن العلاقة بين الدين والمجتمع والسياسة انطلاقا من رؤى وسطية ومعتدلة، حتى حين يكون مصدر الأخيرة هو الأزهر الشريف منارة الإسلام.

من غير المقبول أن تصمت أغلبية المصريين على تيارات طردت معارضيها والمخالفين فى الرأى من ميدان التحرير الجمعة الماضية وتعقب بعض أتباعها النساء غير المحجبات وأساءوا لهن. فإن كان هذا ما فعله بعضهم فى الميدان حين سيطروا عليه لبضع ساعات، فما مصير الوطن وما مصير حقوق الإنسان إن حكموه هؤلاء؟

من غير المقبول أن تصمت الأغلبية على قنوات دينية ودعاة، كانت وظيفتهم قبل الثورة الترويج لطاعة الحاكم وعدم جواز الخروج عليه ويمارسون اليوم تشويها منظما لمعارضيهم دون أدنى احترام لقواعد النزاهة والأمانة التى يحض عليها أيضا الدين. من يتهم ليبراليا اليوم بالعمالة أو الماسونية، يستطيع بالغد حين يستقر له الأمر سياسيا أن يعمم الاتهام على أحزاب وحركات ومنظمات ويقصيها ويتعقبها ويعيد بذلك بناء نظام الاستبداد السابق.

من غير المقبول أن تصمت الأغلبية على بعض خطباء المساجد والزوايا وهم يكفرون ويخونون ويتوعدون دون اعتراض أو تسجيل لرفض. لن تأتى الديمقراطية ولن يلتزم بالحريات وحقوق الإنسان فقط عبر بوابة فعل الليبراليين والتيارات المدنية، فالوطن أكبر منا جميعا. فالأمل الحقيقى هو فى المواطنين الواعين وفى قدرتهم على مواجهة تجاوزات تيارات التطرف والإقصاء من خلال تحمل مسئوليتهم كمواطنين والابتعاد على سبيل المثال عن مساجد ومنابر التطرف.

من غير المقبول أن تصمت الأغلبية وهى ترى المصرى المسيحى يجرد من حقوقه السياسية والمدنية فى برامج ومواقف هذه التيارات والمخالف فى الرأى فى قفص اتهام والمرأة خارج دائرة العمل العام والسياسى. الدفاع عن المدنية والديمقراطية والمساواة بين المواطنين، وكل هذا لا يخالف مقتضيات الشرع أو مبادئ الشريعة، هو مسئولية المواطن المشارك والمراقب والمحتج قبل أن يكون مسئولية التيارات المدنية.

تماما كما صدمنا جميعا من تجاوزات حدثت خلال الأيام الماضية ممن يدعون الثورية وهددت المنشآت العامة والخاصة ومصالح مصر العليا، ينبغى أن نشعر اليوم بالصدمة جراء خطاب التكفير والتخوين والتمييز بين المواطنين واحتكار الحديث عن شرع الله بصورة أحادية. المطلوب هو أن تشعر الأغلبية الصامتة بالصدمة وتنتفض فى المساحات المختلفة التى تتحرك بها لرفض تعميم تحرير الجمعة الماضية على الوطن ككل.

إلى المصريين، أرجوكم كفوا عن الصمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق