اخر الاخبار

12‏/10‏/2012

عبارة «مرسى».. وأهدافه! بقلم سليمان جودة



نحن، إذن، أمام عبارتين: إحداهما قالها الرئيس عبدالناصر، فى أعقاب ثورة يوليو ٥٢، والأخرى قالها الرئيس مرسى، فى أعقاب ثورة ٢٠١١.

عبدالناصر قال فى حينه، إن مجتمع ما قبل يوليو، كان مجتمعاً للنصف فى المائة، وكان يقصد أن نصفاً فى المائة فقط من إجمالى المصريين، قبل ثورة الضباط الأحرار، كان - أى هذا النصف - يتحكم فى البلد، ويملكه، ويحكمه!

والدكتور مرسى قال هو الآخر، إن ٣٢ أسرة، كانت تتحكم فى اقتصاد مصر كله قبل ثورة يناير.. ولابد أن وجه الشبه بين العبارتين، ظاهر شكلاً، وواضح، وليس فى حاجة إلى تعليق.

لكن.. ما يظل فى حاجة ليس فقط إلى تعليق، وإنما إلى وقفة طويلة وجادة، هو هدف كل من عبدالناصر، ومرسى، من وراء عبارته.



ناصر قالها عن وعى، بما كان يريد، ونطق بها عن قصد، ولم تكن جملة عابرة منه، ولا كانت زلة لسان، وإنما كان يعنيها، لا لشىء، إلا لأنها كانت تتسق تماماً مع هدفه من ورائها، وهذا الهدف هو إطلاق سلسلة من التأميمات، والحراسات، والملاحقات، بحيث أصبحت الدولة، بعدها، هى كل شىء فى حياة المواطن، من مهده، إلى لحده.. وكان عبدالناصر، فى المقابل، يرغب فى ذلك، ابتداء، ويسعى إليه مبكراً، ويخطط له مسبقاً، وبالتالى فإنه كان متسقاً مع نفسه، وهو ينطق بتلك العبارة، وكان محتواها متطابقاً مع أفكاره، ومع مزاجه السياسى، ومع اتجاهه العام الذى قرر أن يمشى فيه، كرئيس للدولة.. إذن، لم تكن عنده مشكلة، لأن ما يقوله، هنا تحديداً، كان يؤسس ثم يمهد لما سوف يفعله.

المشكلة قائمة عند الرئيس مرسى، لأن أهدافه المعلنة مراراً، فيما يتصل بالملف الاقتصادى بشكل خاص، لا تتفق أبداً، مع عواقب عبارته، وليس أدل على ذلك، إلا أن البورصة واجهت خسائر فادحة تحت وطأة ما قال!

الدكتور مرسى يردد دائماً أن القطاع الخاص يعمل به ١٧ مليون مواطن، مدللاً بذلك، على أن هذا القطاع سوف يحظى برعاية الدولة وعنايتها، وتشجيعها، ثم فى اللحظة نفسها، يأتى الرئيس، فيفاجئنا بعبارته تلك، فيفهم منها المتابعون والمراقبون، على الفور، رسالة مناقضة تماماً، للرسالة التى يمكن فهمها من عبارة الـ١٧ مليوناً!.. والرئيس، فى الوقت ذاته، يزور ٩ دول فى مائة يوم، ليغرى الاستثمار الخارجى بالمجىء إلينا، وعندما قال ذلك، فلابد أن إشارة إيجابية قد وصلت كل مستثمر أجنبى يفكر فى العمل على أرض هذا الوطن، فلما أطلق الدكتور مرسى عبارته إياها، لابد أيضاً أن إشارة معاكسة، بنسبة مائة فى المائة، قد وصلت إلى المستثمر نفسه!.. بما يعنى، أن عبارة الرئيس جاءت ضد أهدافه على طول الخط، وكادت تنسف ما ظل يؤسس له، اقتصادياً، على مدى ١٠٠ يوم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق