اخر الاخبار

28‏/12‏/2012

اللامعقول فى السلطة والمعارضة بقلم وائل قنديل


لا يعقل أبدا أنه فى اللحظة التى يتم فيها الإعلان عن سريان الدستور الجديد بما يحتويه من مادة للعزل السياسى لرجال النظام السابق، تأتى تعيينات مجلس الشورى متضمنة بعض فلول الحزب الوطنى المنحل.
 
ولا يعقل أن يتحجج البعض هنا بأن التعيين سبق تفعيل الدستور، فهذا كلام ينسف كل ما يقال عن دستور للثورة يؤسس لعهد جديد على أنقاض عهد سقط.

كما لا يستقيم أن تضم حكومة هشام قنديل بعد أن قرر رئيس الجمهورية بقاءها على قيد الحياة، وزراء من زمن حسنى مبارك، ينتمون إلى قيمه بأكثر مما ينتمون لثورة يناير، ويجسدون منهجه أكثر مما يعبرون عن مستقبل ينبغى أن يكون مغايرا تماما لما كان.

إن استمرار هشام قنديل على رأس الحكومة بعد بدء العمل بالدستور الجديد أصاب قطاعات واسعة من المصريين بالصدمة، ذلك أن الفترة الماضية لم تسفر عن أية مهارات أو قدرات تبرر التمسك به، فضلا عن أن أنهارا من الكلام جرت عن أن هذه الحكومة تمثل عبئا على الرئيس، وتسهم بقدر كبير فى حالة التردى التى تضرب بمصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.


وأزعم أنه فيما يتعلق بقضية وقوع «تسرب فلولى» إلى تعيينات مجلس الشورى، ليس أقل من مراجعة الأسماء المشار إليها ووضعها فى ميزان المادة الدستورية الخاصة بالعزل السياسى، ومن تثبت «فلوليته» يغادر فورا ويرحل عن المجلس الذى آلت إليه سلطة التشريع، ودون ذلك هو اللامعقول فى شئون السياسة المصرية.

غير أن ممارسة «اللامعقول» ليست حكرا على معسكر السلطة فقط، إذا تنافس قطاعات من المعارضة على اللقب بشراسة، وتظهر أداء قويا فى عدم معقوليته واستقامته واتساقه مع المنطق والمصلحة الوطنية.

فإن تستمر هذه الحالة من «المعارضة الهروبية» هذا معناه ببساطة أنها مرتبكة ومتخبطة وغير قادرة على المواجهة، وخصوصا فى مسألة الحوار الوطنى التى تقدم فيها قدما وتؤخر عشرا، ما ينقلها من طور المعارضة الناضجة إلى حالة مناكفة ومكايدة تختبئ حول (لا) لكل شىء.

وقد دفعت المعارضة فى ثوبها الجديد ثمن هذه الحالة من التخبط فى معركة الاستفتاء على الدستور، إذ بدأت برفض قاطع باتر لفكرة المشاركة فى الاستفتاء على الدستور، ثم بدلت موقفها بالمشاركة والحشد للتصويت بالسلب عليه، ثم عادت بعد الجولة الثانية لتقول إن الدستور باطل والذهاب إلى الاستفتاء باطل، وهكذا على نحو لم يعرف معه الجمهور المستهدف بخطابها ما هو المطلوب منه، فقرر أن يصم أذنيه ويغمض عينيه عن تفاصيل هذا المشهد العبثى ويعتمد على نفسه فى تحديد وجهته التصويتية.

وتجد شيئا من هذا اللامعقول فى الحوار الوطنى الذى قابلت المعارضة كل الدعوات إليه بالرفض المعلن، لكنها وفى منطقة «غير المعلن» شاركت فى جلسته الخامسة عن بعد بإرسال مشروع وملاحظات حول قانون الانتخابات الجديد الذى يدور حوله الحوار.

وما بين الرفض العلنى لحضور جلسات الحوار جسديا، وبين القبول الضمنى من خلال الحضور بالمراسلة، تقع مساحة هائلة من التناقض واللامعقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق