اخر الاخبار

30‏/09‏/2012

سمك فى ماء بقلم سليمان جودة


علن الرئيس مرسى، فى أثناء كل رحلة خارجية، أن من بين أهدافه خلالها العمل على استرداد أموالنا المهربة إلى الخارج.. وإذا كان هناك شىء نرجوه من الرئيس بإلحاح، فى هذه القضية تحديداً، فهذا الشىء هو أن يكشف لـ٩٠ مليون مصرى، عن ثلاث معلومات لا رابع لها على النحو الآتى: حجم هذه الأموال، ومكانها، ثم كيفية استرجاعها.. ذلك أن المتابع لرحلات الرئيس، وهى كثيرة، سوف يتبين له بالضرورة أن ما يردده الدكتور مرسى، فى هذا الشأن، لا تتم ترجمته إلى واقع أبداً، وبمعنى آخر، فإن الرئيس يقول، ويقول، ثم لم نسمع عن دولة واحدة.. واحدة فقط لوجه الله.. قررت أن تعيد إلينا جنيهاً واحداً من مليارات نحلم بها، ونخشى بالتالى، أن نظل نكرر الآن ما كان قد حدث طوال المرحلة الانتقالية، عندما ظلت الأجهزة المعنية تمنى الناس برجوع هذه المليارات، فإذا المرحلة كلها تمر، وإذا نحن، كما ترى، أمام سراب من النوع الثقيل!


وإذا كان هناك شىء يجب أن تسترشد به الدولة، هنا، فهو ما سارع إليه فريد الديب، المحامى، حين أرسل يوم ١٢ سبتمبر الحالى، ثلاثة خطابات إلى سفير بريطانيا فى القاهرة، يطلب منه فيها أن تخرج حكومته فى لندن، على العالم كله، وتعلن بوضوح كامل، تفاصيل ما يملكه حسنى مبارك وزوجته، وعلاء وزوجته وابنهما وكذلك طفلهما الراحل، وجمال وزوجته وابنتهما، سواء كان ما يخصهم جميعاً هناك، أموالاً فى أى بنك، أو عقاراً فى أى شارع، أو حتى فى أى حارة... وإلا... فإن على الحكومة الإنجليزية، إن لم تفعل ذلك أن تسارع إلى تكذيب ما دأبت وسائل إعلامهم على نشره بين الناس، على أنه حقائق، وعلى رأس هذه الوسائل: B. B. C، وصحيفة «الجارديان» بشكل خاص!

هذا التصرف الذى بادر به الأستاذ فريد الديب، كان أولى بحكومة الدكتور مرسى، أن تبادر هى به، منذ أول يوم لها فى مواقعها، لأنه لا يتصور عاقل أن تكون الحكومة المصرية، بجلالة قدرها، لا تستطيع أن تعرف، بوسائلها المتاحة، طريق كل قرش خرج من البلد، وأين هو، وكيف يمكن إعادته!

الناس متروكون، منذ قامت الثورة، نهباً لطوفان من الكلام فى هذا الملف، وهو طوفان لمن يتأمله بربع عقل، وليس بعقل كامل، يبدو حجم الأوهام فيه أضعاف أضعاف الحقائق، ولو كان بين مسؤولينا رجل واحد يحترم عقول مواطنيه، لكان قد ذهب بالصحيفة الإنجليزية التى قالت يوماً بأن حسنى مبارك يملك هناك ٧٠ مليار جنيه، إلى القضاء، فإما أن تقول لنا الصحيفة، أين هذه السبعون ملياراً بالضبط، وإما أن تدفع ثمن كذبها على قرائها!

الدكتور فاروق العقدة، وهو رجل يثق فيه الرئيس مرسى، يقول دائماً، إن أموالاً مما يقال عنها أنها تم تهريبها، لم تخرج عن طريق البنوك المصرية، ولا يتخيل أحد، بناء على ذلك، أن تكون للفلوس أجنحة تطير بها خارج البنوك كأوعية تتحرك فيها طول الوقت، ليبقى السؤال عن سر إحجام حكومتنا، حتى الآن، عن أن تصارح الناس، عن حجم الأموال التى تملك هى معلومات عن أنها قد هربت، وعن مكانها، وعن سبيل استعادتها!

إذا ذهب أى مواطن إلى قسم الشرطة، للإبلاغ عن أمواله المسروقة، فإنه يحددها بالقرش والمليم، حتى تستطيع الشرطة إعادتها إليه، وهذا ما يتعين على حكومتنا أن تفعله حرفياً، لأنه من الحرام أن تظل تتعامل مع الأمر، شأن الذى يطارد السمك فى الماء، بينما المصريون على الشاطئ ينتظرون منذ ما يقرب من العامين!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق