اخر الاخبار

13‏/09‏/2012

هل يجب أن نقتل لنثبت حبنا للرسول؟ وائل قنديل



هل كان لابد أن نتحول إلى قتلة وسفاكى دماء لكى نثبت للعالم أننا نحب سيد الخلق عليه الصلاة والسلام؟

سؤال آخر : ماذا لوضعنا جريمة اغتيال الدبلوماسيين الأمريكيين فى ليبيا فى ميزان عدالة نبى الرحمة والعدل ومعلم الإنسانية الأول وانتظرنا حكمه فى الجناة؟

بداية : لو اجتمع منتجو الشرق والغرب ليصنعوا عملا ينتقص من قدر الرسول الكريم ويهز صورته البديعة فى عقول ذوى الأفهام والضمائر ما استطاعوا.. ولو أنتجوا ألف فيلم وفيلم فلن ينالوا من قيمة الرسول ومكانته مقدار حبة من خردل.


إن أحدا لا يجب أن يقف صامتا ساكنا أمام أى سفيه موتور يقدم على إهانة نبى الإنسانية وأشرف خلق الله.. كما أن الغضب فى هذه الحالات مطلوب، بل وواجب ولكن السؤال : كيف نغضب ولمن نوجه غضبنا؟ وقبل ذلك.. كى نوظف هذا الغضب لكى يكسب أرضا جديدة للرسول وللإسلام فى الضمير العالمى؟

لقد كان من الممكن لو امتلكنا الإدارة الحكيمة لماكينة الغضب أن نجعل الخصوم والكارهين يخجلون من أنفسهم ويتعرون أخلاقيا وإنسانيا، وننتصر للإسلام ورسوله العظيم، غير أننا استخدمنا أردأ أنواع التعبير عن الغضب، وأسأنا للدين الحنيف والنبى حين قتل نفر منا نفسا بغير نفس، وأهدرنا مبدأ ثابتا فى شريعة الإسلام حيث يقول تعالى « ولا تزر وازرة وزر أخرى».

إن السفير الأمريكى فى بنغازى، أو فى القاهرة لم ينتج الفيلم الكريه، وربما كانت معلوماته عن القصة التى داهمتنا فجأة مثل كرة من اللهب لا تزيد عن معلومات أى متظاهر غاضب، من جاردن سيتى إلى جاكارتا إلى مراكش، ومع ذلك التهمته ألسنة الغضب المشتعل فى الصدور والحناجر.

وما سيحدث بعد ذلك أن العالم كله سيترك الموضوع الرئيسى ويركز عدساته وميكروفوناته على الهمجية التى لا يريد أن يرى غيرها كمفتاح لشخصية الشعوب العربية والإسلامية.. وبدلا من أن نجبر الإدارة الأمريكية على الاعتذار وإزالة هذا العدوان الحقير على مكانة النبى صلى الله عليه وسلم، ومحاكمة قطعان الكارهين الذين أنتجوا الفيلم، أصبحنا مطالبين بالاعتذار عن جريمة قتل بشعة سفكت دماء وأهدرت تعاطف العالم معنا.

لقد كان من الممكن أن ننتفض ونتظاهر ونهتف طلبا للاعتذار والمحاكمة، ولا نهدأ حتى يتحقق ذلك، غير أن هذا الغضب الأخرق الجهول وضعنا فى قفص الاتهام، ومنح خصومنا وكارهينا ما يصيبوننا به فى مقتل، ويستثمرونه فى إظهارنا كقطيع من الهمج القتلة.

ولابد أن ذلك الصهيونى الوضيع الذى فجر فينا قنبلة الفيلم المسيىء يقف ضاحكا ملء شدقيه الآن، ساخرا من أناس ينهزمون حضاريا وأخلاقيا، بأيديهم قبل أن يكون بيد أعدائهم.
إن جريمة اغتيال الدبلوماسيين فى ليبيا لا تقل إساءة للرسول الكريم عن الفيلم الصهيونى الوضيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق