اخر الاخبار

30‏/09‏/2012

حول قروض صندوق النقد بقلم إسراء عبدالفتاح


صندوق النقد والبنك الدوليان توءمان اقتصاديان دولياً، وصاحبا دور محورى فى تخطى الأزمات الاقتصادية، بهدف استقرار الأوضاع المعيشية للشعوب. يرجع تاريخ إنشاء كل منهما إلى عام ١٩٤٤، على خلفية إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وكان أول قرض بمبلغ ٢٥٠ مليون دولار عام ١٩٤٧ من نصيب فرنسا، وقد خصص لإعادة إعمار فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وكلاهما يحكمه ويملكه الدول الأعضاء «١٨٥دولة».

 ويعمل صندوق النقد الدولى بهدف التأثير على سياسات الحكومات المقترضة، ويأتى صنع القرار غالباً من قبل الولايات المتحدة، صاحبة النصيب الأكبر فى الصندوق، حيث تساهم بحوالى ٢٣ %.



ومسؤولية صندوق النقد الدولى فى الأساس هى منع أزمات التجارة الدولية أو الحد منها، فعندما تضطر دولة إلى اقتراض العملة الصعبة لتغطية العجز التجارى، فإن البنك الدولى يتدخل لإقراض الدول التى لديها عجز اقتصادى نتيجة الأزمات مثلاً، لكنه يشترط على الدولة القيام بإصلاحات اقتصادية تمكنها من رد ديونها.

ويمتلك الصندوق ميزانية مجملها ٢٠٠ مليار دولار تقريباً، يختص صندوق النقد الدولى بتقديم القروض إلى الدول الأعضاء لمعالجة العجز المؤقت فى موازين مدفوعاتها، للعمل على استقرار أسعار الصرف، ويجب على الدول المقترضة أن تستشير الصندوق بشأن الخطوات التى تتخذها لتحسين وضع ميزان مدفوعاتها.

وعلى الرغم من انكماش أثر الصندوق مؤخراً نتيجة لاتجاه الكثير من الدول متوسطة الدخل نحو سداد ديونها، أو رفض الدخول فى برامج جديدة مع صندوق النقد الدولى. فلذلك أود أن أذكر تجارب بعض الدول مع صندوق النقد، لنرى كيف كان أثره.

شاهدنا أحداث الشغب والمظاهرات العارمة التى اجتاحت اليونان إثر تطبيق سياسات صندوق النقد الدولى والمصادمات التى حدثت بين الشرطة والمواطنين، بسبب رفض المواطنين سياسيات التقشف التى فرضها البنك الدولى.

وفى إسبانيا، وبعد احتجاجات ومواجهات بين الشرطة والمواطنين واعتصامات أعقبت الثورة المصرية،  رفض ماريانو راخوى، رئيس الوزراء الإسبانى، توصيات صندوق النقد الدولى لخفض العجز بالميزانية، التى تشمل خفض أجور الموظفين الحكوميين ورفع ضريبة القيمة المضافة. وأكد أنها غير ملزمة وغير مناسبة لشعبه.

وقد تأثر عدد ليس بالقليل من الدول العربية سلبياً إثر الالتزام بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولى، حيث إن عمليات الإصلاح التى جاءت نتيجة هذه التوصيات أدت إلى ظهور اتجاهات معارضة.

ففى الأردن عام ١٩٩٦مثلاً أوصى صندوق النقد الدولى بإعادة النظر فى الضرائب المفروضة والعمل على زيادتها، أو إلغاء الإعفاءات الضريبية التى تمنحها الحكومة للقطاع الزراعى ومواد البناء والنقل ووكالات الأنباء وخدمات المقاولات، بالإضافة إلى فرض ضرائب جزائية على جميع أنواع المتاجرة بما فيها المتاجرة بالأصول الثابتة. أما السلع التى كانت ضريبتها «صفر» فقد أوصى الصندوق بأن ترتفع نسبتها إلى ١٦%، مما أدى إلى زيادة الأسعار ثلاثة أضعاف، فكانت النتيجة تفجير موجة من الشغب والاضطرابات فى منطقة جنوب الأردن.

كما شهدت اليمن أحداثاً مماثلة عام ٢٠٠٥ عندما نفذت مشورة الصندوق، وقامت بإلغاء الدعم على الوقود جزئياً.

ومصر ليست ببعيدة عن أثر تطبيق توصيات الصندوق، فيذكر لنا التاريخ أن الصندوق قد فرض حوالى ١٣ شرطاً، ثلاثة منها فقط كانت كفيلة بقيام ثورة ضد حكم «السادات»، وقد كانت أحداث يناير أقرب للانتفاضة، وكان من الممكن أن تطيح بـ«السادات»، كلها بسبب تطبيق بعض شروط الصندوق بإلغاء الدعم أو تخفيضه.

وبرغم غياب الشفافية المفترضة، فيما يتعلق بشروط صندوق النقد الدولى، وكيف ومتى سنقوم بتسديد هذا القرض، وبالرغم من رفض أغلبية مجلس الشعب هذا القرض، وهم فى السلطة التشريعية، نجدهم الآن يوافقون عليه وبيدهم السلطتان التشريعية والتنفيذية،  مما يضع علامة استفهام كبيرة لا يعقبها أى إحابة. وحيث إننا لم نعلم بوضوح شروط الصندوق إلا أنها فى الدائم تدور حول تحرير سعر الصرف وتوسيع قاعدة الضرائب والعمل بقانون ضريبة القيمة المضافة، بدلاً من ضريبة المبيعات. كما أنه من بين ١٤ شرطاً من شروط الصندوق، منها ما يعطى الحق للصندوق فى مراقبة الأداء الاقتصادى المصرى بشكل ربع سنوى. ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن قرضى البنك وصندوق النقد الدوليين يصبان فى النهاية فى صالح القوى الخارجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق