اخر الاخبار

06‏/11‏/2012

كيف تتخلص من الأحزاب الكرتونية فى ثلاث خطوات؟بقلم وائل قنديل

فى إندونيسيا من جديد، لا تتوقف المشاهدات والمقارنات، هذه المرة كان الوفد المصرى مكونا من شخصيات سياسية من أطياف مختلفة فى مصر، بدعوة من معهد السلام والديمقراطية للنقاش حول الدستور بعد المنعطفات الكبرى.

وللتذكرة فقط، إندونيسيا تخلصت من ديكتاتورية ثلاثين عاما من حكم سوهارتو، كما تخلصت مصر من ثلاثين عاما من استبداد مبارك، وإن كان الإندونيسيون يفضلون أن يطلقوا على ما جرى فى بلادهم «إصلاحا» وليس «ثورة».

وعلى الرغم من ذلك فإن هذا «الإصلاح» حقق للشعب الإندونيسى خلال ١٤ عاما فقط من عمره، ما لم تحققه ثورات كاملة فى عقود طويلة، ذلك أن إندونيسيا الآن هى ثالث ديمقراطية فى العالم، وبحلول ٢٠٢٠ ستكون القوة الاقتصادية السابعة على مستوى العالم.
فى إندونيسيا بعد إزاحة سوهارتو، أمطرت السماء أحزابا جديدة، كما جرى فى مصر بعد الإطاحة بمبارك، حيث وصل عدد الأحزاب الوليدة هناك إلى مائتى حزب، معظمها كرتونية بالطبع، كما هو الحال فى مصر.



والفارق الجوهرى بينهم وبيننا أنهم تعاملوا مع السياسة بعد التغيير باحترام، فابتكروا وسائل سهلة جدا للتخلص من طحالب وأعشاب الحياة الحزبية الضارة، فقرروا السماح للجميع بالمنافسة فى أول انتخابات أجريت لتشكيل البرلمان المؤقت الانتقالى، وبعدها تم تعديل الدستور، وتقرر أن تجرى الانتخابات التالية بتنظيم أكثر، فكان شرط خوضها أن يكون الحزب الذى يريد المنافسة قد حصل على اثنين ونصف فى المائة من عدد أصوات الناخبين فى الانتخابات السابقة. وسبق ذلك وضع تعديل دستورى يضمن تنظيما محكما لتأسيس الأحزاب يضمن أن يكون لكل حزب فروع فى ٧٥ فى المائة من المحافظات.



ومع تطبيق شرط نسبة الاثنين ونصف فى المائة سقطت الكرتونيات من ثقوب الغربال،  فانخفض عددها إلى ٣٨ حزبا فقط خاضت السباق، مع وضع شرط آخر يقضى بآن الحد الأدنى لتمثيل الحزب فى البرلمان هو الحصول على نسبة ثلاثة ونصف فى المائة من أصوات الناخبين، مع التشديد على عدم السماح بالاندماجات والتحالفات الحزبية قبل إجراء الانتخابات، والسماح بذلك بعد إعلان النتائج وتحقيق النسبة المطلوبة للبقاء على قيد الحياة الحزبية.



وقد نجحت هذه الآليات فى تحقيق عملية فرز حقيقية وموضوعية للأحزاب، تأسيسا على قاعدة البقاء للأصلح، أو للأقوى، أو لمن يمتلك الحد الأدنى من إمكانيات وشروط البقاء، وبذلك انخفض عدد الأحزاب الحقيقية الممثلة فى البرلمان إلى تسعة أحزاب فقط.



ولأن إندونيسيا لم تعرف تكنولوجيا تصنيع العبوات الحزبية المزيفة فى ورش السلطة الحاكمة، لإطلاقها فى السوق لابتذال الحياة الحزبية والتشويش على الأحزاب الحقيقية،  فإنها نجحت خلال ١٤ عاما فقط فى أن تكون نموذجا محترما جديرا بالتوقف أمامه فى التأريخ لحركة الدول النامية نحو التقدم والتطور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق