اخر الاخبار

17‏/08‏/2012

أصبحت المسؤول الوحيد بقلم زياد العليمي



كنت ممن رحبوا بقرار د. محمد مرسى بإحالة كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان للتقاعد، واعتبروه خطوة على طريق الديمقراطية فى مصر. فمنذ بداية المرحلة الانتقالية، ونحن نطالب بإبعاد المؤسسة العسكرية عن العمل السياسى، وتفرغ الجيش للقيام بواجبه فى الدفاع عن أراضى الوطن. ودافعنا عن ذلك، حتى عندما اتهمتنا جماعة الإخوان المسلمين بأننا مدعومون من جهات خارجية لزعزعة الاستقرار، وكالوا الاتهامات لنا بأننا نسعى للوقيعة بين الجيش والشعب! فقد رأيت فى القرار تنفيذاً لما طالبنا به منذ البداية، وتراجعاً من جماعة الإخوان المسلمين عن موقفها فى دعم وجود المجلس العسكرى على رأس السلطة فى البلاد.


فضلا عن أن وجود سلطتين فى البلاد تتصارعان للسيطرة على مقاليد الأمور يؤدى إلى تضارب القرارات، وما يترتب عليه من فشل الدولة التى نحلم ببنائها، وتعليق كل سلطة منهما فشلها على شماعة إعاقة الأخرى لها. وهو ما رأيناه جميعاً، من اتهام اللهو الخفى، الملقب بالدولة العميقة، بالتسبب فى كل الإخفاقات التى صاحبت الرئيس منذ توليه حتى الآن. بداية من تأخر إعلان الحكومة، إلى مذبحتى دهشور ورفح، إلى فشل الإدارة فى تنظيم عمل مرافق الدولة من كهرباء ومياه وغيرهما.

وضاعف من ترحيبى بالقرار أننا الآن لن نبحث عن المسؤول عن أى تقصير أو فشل. فقد أثبت الرئيس أنه يمتلك كل الصلاحيات اللازمة لتطهير أجهزة الدولة المختلفة، وتنفيذ مطالب الثورة، وتحقيق البرنامج الانتخابى له ولجماعته، خاصة بعدما أتيحت له فرصة لم تتح لأى حاكم مصرى سبقه، للسيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية معا. وعلى الرغم من اعتراضنا على سيطرته ولو مؤقتاً على السلطتين مجتمعتين، فإن هذا يعنى أنه أمام الاختبار الحقيقى بتحقيق مطالب المصريين. وكما رحبنا بقراره لنا الحق فى تحميله وجماعته المسؤولية الكاملة عن أى إخفاق فى الفترة المقبلة.

وعلى الرئيس المنتخب وحزب الحرية والعدالة الحاكم أن يعلما أننا لن نقبل عدم تحقيق مطالب الثورة, وسيجداننا سداً منيعا ضد أى محاولة لتكبيل الحريات أو المساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين بعدما دفعوا ثمنها من دمائهم، بنفس درجة مواجهتنا للمجلس العسكرى عند محاولاته الالتفاف على مطالب الثورة، عندما كان حزب الحرية والعدالة يغض الطرف عن كل انتهاكاته. فلن نقبل، كمواطنين مصريين، أن يصدر دستور للبلاد لا يعبر عن كل المصريين، بل لابد أن يقر بحقوقهم ويحدد واجباتهم دون تفرقة بين مواطن وآخر.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، أن يتم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الدين أو الأصل الاجتماعى، أو أن يقع أى تحريض طائفى دون تقديم المحرض ومن ورائه لمحاكمة عادلة تقتص منهم. لن نقبل، كمواطنين مصريين، أن يزج بالثوار فى السجون بعد محاكمات عسكرية جائرة، أو أن يقدم أى مواطن للمحاكمة بسبب رأيه، حتى لو اختلفنا معه. لن نقبل، كمواطنين مصريين، أن تسيطر أى جماعة أو حزب على المؤسسات الإعلامية القومية التى تمول من أموال ضرائبنا، لتكون كما كانت فى عهد المخلوع ناطقة باسم الحاكم ومدافعة عنه بدلا من أن تنطق باسم ملاكها الحقيقيين وهم جموع الشعب المصرى، وتعبر عنهم. لن نقبل، كمواطنين مصريين، أن يُحرم أبناؤنا من التعليم المجانى الجيد الذى يمكنهم من بناء دولتنا الحديثة.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، ألا يحصل كل مصرى على الرعاية الطبية بشكل متكافئ، بغض النظر عن قدرته على سداد نفقات العلاج من عدمه.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، انقطاع الكهرباء يومياً عن المنازل والمؤسسات، وأن تُحمل الحكومة المسؤولية للشعب وتطالبه بترشيد الاستهلاك، فى الوقت الذى تصدر فيه بلادنا الطاقة بأبخس الأثمان.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، أن ندفع الضرائب لتسيير مرافق الدولة المختلفة، وتمكينها من تقديم خدماتها، ثم يطلب منا تولى مهامها، من تنظيف شوارع وغيره.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، الانتقاص من سيادتنا الوطنية، وأن يكون لأى دولة أخرى يد فى القرارات المصرية، سواء السياسية أو الاقتصادية.

لن نقبل، كمواطنين مصريين، المماطلة فى تحقيق مطالب ثورة أتت بكم إلى الحكم، أو التباطؤ فى تحقيق تغيير حقيقى، وتطهير لمؤسسات الدولة، وحرية كاملة، لا يحدها سوى المساس بحرية الآخرين، وعدالة اجتماعية.

اليوم، أنت المسؤول الوحيد أمامنا، فتحمل مسؤوليتك كاملة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق