اخر الاخبار

04‏/07‏/2012

هل تخلى كل طرف عن ميدانه؟ كتب د. عمرو الشوبكى


هى مصادفة لا تخلو من دلالة أن يقوم أنصار الرئيس مرسى فى ميدان التحرير، وأنصار الفريق شفيق والمجلس العسكرى فى مدينة نصر بفك اعتصامهما فى التوقيت نفسه، فقد أعلن المعتصمون الذين أيدوا الجيش والمجلس العسكرى والفريق أحمد شفيق إنهاء اعتصامهم، فى الوقت نفسه الذى أعلن فيه الإخوان المسلمون عن فك خيامهم ومغادرتهم ميدان التحرير، لإعطاء فرصة للرئيس.
والحقيقة أن مظاهرات الحالة الأولى رفعت شعارات تدافع عن الجيش والمجلس العسكرى، متوهمين أنه دخل فى صراع مع جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن نعتوها بكل الصفات السلبية والإرهابية، واكتشفوا على ما يبدو متأخرين أن هذا صراع لم يكن له أساس فى الواقع، رغم أنه كان مصدراً للتحريض والتعبئة فى مدينة نصر والتحرير معا.


فقد تأكد لمعتصمى مدينة نصر أن الجيش لن يدخل فى صراع النخب السياسية المصرية، وأنه سلم البلد بسلاسة كاملة للإخوان المسلمين وفق نتيجة الصندوق، وقبل أن يكتب الدستور، حتى بدا الأمر وكأن هدف الـ ١٧ شهرا فى عمر المرحلة الانتقالية هو تسليم السلطة للإخوان، وليس وضع دستور وبناء أسس دولة القانون.


وقد دعم معتصمو مدينة نصر ومتظاهروها، الذين وصلوا عشية إعلان النتيجة إلى مئات الآلاف من المواطنين سرابا أو وهما كان فى عقولهم ولم يكن له أى أساس فى الواقع فالجيش لم يكن يدعم «شفيق»، بل على العكس، فقد كان يفضل «مرسى»، ولم يكن مهدداً من قبل ما سموه «ميليشيات الإخوان»، حتى يحتاج إلى دعم أهل المنصة، حتى إن مرشحهم سافر خارج الحدود وتركهم فى المنصة قاعدين.


أما معتصمو التحرير، فالمؤكد أنهم لم يؤيدوا سرابا، إنما دعموا مرشحاً محدداً ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، رئيس حزب الحرية والعدالة، واتضح منذ اللحظة التى أعلن فيها عن فوز د. محمد مرسى أن حسابات إخوان التحرير لن تكون مثل حسابات ثوار التحرير، وهو أمر بديهى لا يحتاج أن يثبته رئيس الجمهورية، الذى وافق على الإعلان الدستورى المكمل، الذى عالج مسألة بطلان البرلمان بأن أعطى صلاحيات التشريع للمجلس العسكرى لحين إجراء انتخابات الرئاسة، وفرض على الرئيس المنتخب أن يلقى القسم أمام المحكمة الدستورية العليا، احتراما لدولة القانون والمؤسسات، رغم كل الشعارات الرافضة للإعلان المكمل.


إن التحديات التى ستواجه مصر ستحتاج إلى قلب وعقل ميدان التحرير النقى، الذى التفت حوله «روح مصر» طوال ١٨ يوما من عمر الثورة، وليس «التحرير» الملون سياسيا وأيديولوجيا لحساب فصيل أو تيار يوظف الثورة حين يريد لمصالحه السياسية الضيقة.


إن فك اعتصام «التحرير» مثل فك اعتصام مدينة نصر يدل على أن كل طرف لم يعد يحتاج إلى ميدانه على الأقل فى هذا التوقيت، وأن مصر ليست بحاجة إلى ميدان يوظف لمصالح سياسية ضيقة، إنما إلى ميادين البناء والديمقراطية، وأصوات ضمير تعترض وتوجه وتطرح بدائل، وليس فقط أصوات احتجاج تصرخ وتهتف لتخويف المنافسين.


لكل ميدان حساباته مثلما لكل فريق حساباته، وإن حسابات ما بعد الانتخابات غير تلك التى كانت قبلها، فحذار أن يخلط البعض بين ميدان الثورة وميادين ما بعد الثورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق