اخر الاخبار

11‏/04‏/2013

ضرب القضاء بقلم محمد سلماوي

ما الذى يراد بالقضاء المصرى الشامخ، صاحب التاريخ العريق والذى على أكتاف رجاله تأسست النظم القضائية للكثير من الدول العرب ية الشقيقة على مدى العقود الماضية؟
يتزايد هذه الأيام الحديث عما يتم إعداده من قرارات بخفض سن الإحالة للتقاعد فى القضاء، بغرض الإطاحة ببضعة آلاف من القضاة الحاليين فى خطوة واحدة.
لقد بدأ النظام الحالى حكمه بمواجهة سافرة مع القضاء، شككت منذ البداية فى التزامه بالمنهج الديمقراطى الذى قامت من أجله الثورة، حيث قاموا بالتخلص من بعض القضاة فى أعلى المناصب مما يعد انتهاكاً فاضحاً لاستقلالية السلطة القضائية، وكان من بين هؤلاء المستشارة تهانى الجبالى، النائبة السابقة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، والنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود، ثم دخل النظام فى صراع مع المستشار أحمد الزند، رئيس نادى
القضاة، والآن ها هم يعدون لمذبحة شاملة للقضاء لو تحققت ستكون نقطة سوداء فى تاريخ حكم الإخوان لن يبرأوا منها.
إن فكرة إحالة القضاة إلى التقاعد غير معمول بها فى معظم الدول الديمقراطية، ومبدأ عزل القاضى، أياً كان النظام الحاكم، هو المؤشر الأول على استبدادية الحكم وسلطويته، وهو ما ثار ضده الشعب فى يناير 2011، فالقاضى ليس لاعب كرة حين يصل إلى سن معينة يتم الاستغناء عنه لصالح شاب يتمتع باللياقة البدنية، بل العكس هو الصحيح، فالقاضى كلما ازدادت خبرته تعاظمت قدرته وثقلت حكمته، والقاضى حديث العهد ليس هو أفضل القضاة، لذلك فالقضاة فى الخارج قد يصلون إلى الثمانين أو حتى التسعين وهم على منصة القضاء، التى لا يتركونها إلا بإرادتهم.
وإذا أضفنا إلى ذلك وضع مصر الخاص، الذى يجعل دورة الدعوى القضائية تصل فيما تستغرقه من وقت إلى أضعاف ما تستغرقه فى الدول الأخرى، يصبح عزل ما يقرب من 3500 قاض بإحالتهم للتقاعد ضربة قاضية ليس فقط للقضاء، وإنما لعملية التقاضى ذاتها، التى ستصبح أكثر عجزاً مما هى الآن، وحتى لو تم استبدال هؤلاء بآخرين من أتباع الإخوان، فإن خبرة الآلاف الذين سيتم الاستغناء عنهم لن يعوضها موالاة القضاة الجدد للإخوان.
إن تلك هى الخطوة الأكيدة لتفكيك الدولة المصرية عن طريق ضرب مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى. فبعد ضرب الداخلية وانهيار الأمن وتفشى الفوضى والجريمة، فإننا مقبلون الآن على ضرب القضاء، مما سيؤدى إلى لجوء الجماهير لأخذ حقها بالقوة وتنفيذ الأحكام بنفسها، وتلك هى شريعة الغاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق