اخر الاخبار

06‏/04‏/2013

باسم وبيشوى! بقلم بﻻل فضل


أعجبني أن يحرص الساخر الجميل باسم يوسف في حلقة الأمس من برنامجه الجميل على تذكير الملايين من مشاهديه بأهمية أن يتحول التضامن معه ضد مكائد النظام الإخواني إلى حالة شعبية للتضامن مع كل المقهورين من التحالف القذر بين نظام الإخوان وأجهزة الدولة المباركية المؤمنة بالقهر والمعجونة بمية القمع. ولذلك تأتي أهمية رسالة ينبهنا فيها الروائي حامد عبد الصمد إلى قضية كان ينبغي أن يتضامن معها جميع المؤمنين بالحرية والرافضين لقهر الإنسان، لكنها غابت وسط زحام همومنا ومخاوفنا، وهو خطأ فادح ينبغي أن يتوقف فورا كما ستدرك عند قراءة رسالة حامد عبد الصمد التي أتركك لقراءتها وأترك لك التعليق.

«من منا يذكر بيشوى كميل كامل مدرس اللغة الإنجليزية الذى حكمت عليه محكمة بسوهاج بالحبس ست سنوات لإهانة الرئيس وازدراء الأديان فى سبتمبر من العام الماضى؟ من الطبيعى ألا يعرف الإعلامى الأمريكى الساخر جون ستيوارت بيشوى وألا يهتم بتفاصيل قصته لأنه ليس زميله فى المهنة وليس مشهوراً، ولكن لماذا نسينا نحن بيشوى ومأساته، ولم نتضامن معه كما تضامنّا مع باسم يوسف؟.


محاكمة بيشوى ليست فقط ضربة قاضية لحرية الرأى والتعبير بل تعد مؤشراً خطيراً لوصول الطائفية للقضاء المصرى. فالدليل الوحيد على إدانة بيشوى كانت عبارات على صفحة فيسبوك منسوبة له، تنصل منها، بل وأثبت والده قبل صدور الحكم أن شخصاً آخراً أنشأ الصفحة بإسم بيشوى ووضع عليها العبارات المسيئة للإنتقام منه. وكتب والده رسالة استغاثة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير جاء فيها أن أحد الشهود سجل حواراً على الموبايل مع الشخص الذى قام بتزييف صفحة بيشوى اعترف أمامه فيه أنه هو صاحب الصفحة، بل قام بفتحها أمامه من على جهاز اللابتوب الخاص به ورأى صورة بيشوى وبيانته الشخصية على الصفحة، واتصل بوالده وأخبره بما حدث فطلب منه الذهاب للنيابة للإبلاغ عما حدث، فذهب مع شهود آخرين ممن رأوا ذلك يوم 2 أغسطس 2012 وأدلوا بأقولهم في النيابة ولكن النيابة لم تقم بأية خطوة للقبض على الفاعل الحقيقي، مما ساعده على مغادرة البلدة والهروب منها، وعندما ذكر والد بيشوى ذلك أمام رئيس مباحث طما أجابه الأخير: «يا أستاذ كميل انتوا مجبتوش أي حاجة جديدة ،الاثنين مسيحيين زي بعض ،يعنى واحد يسد وخلاص».

هذه القصة تشبه قصة جمال مسعود، شاب مسيحى لم يتجاوز السابعة عشر حكم عليه بثلاث سنوات حبس فى يناير 2012 بسبب صورة وضعها صديق له على صفحته بخاصية الـ«تاج» تسئ للرسول، فتجمع المئات من سكان قريته بأسيوط أمام بيت جمال وألقوا كرات النار الحارقة عليه. وبمنطق لوم الضحية قرر الحكماء إجراء محاكمة عاجلة للشاب إرضاءاً لغضب من أحرقوا بيته. وهذا خطر حقيقى حين يصبح القضاء أداة لتهدئة النفوس الغاضبة.

مفهوم طبعاً أن دمل الفتنة الطائفية متقيح، وأن نشر صور مسيئة للأديان يسارع بفقئه. ولكن هل هو من محض الصدفة أن الذين حُكم عليهم حتى الآن فى قضايا ازدراء الأديان هم ثلاثة مسيحيون وشيعى ومسلم أساءوا للإسلام فى حين أن الذين يسيئون للمسيحية من عامة المسلمين وعلمائهم لا تطلهم يد القانون أبدا؟، فكم مرة يُهان المسيحيون ومعتقداتهم من فوق منابر المساجد وعبر الفضائيات دون أن تهيج الجموع الغاضبة ودون أن تتحرك النيابة العامة للقبض على الفاعل. كم ألف صفحة على الفيسبوك تثير الكراهية ضد المسيحيين وتتهمهم بأنهم كفار وأنهم كالأنعام بل أضل سبيلا؟ وهو اتهام ينزع الآدمية عن المسيحيين ويمهد للعنف ضدهم. فمن يعتقد أنك من أصحاب النار لن يؤمن بحقك فى المساواة أمام القانون، بل سيتعامل معك كالأنعام: سيسوقك بل وسيذبحك إذا تطلب الأمر. أم أن المقصود بقانون إزدراء الأديان هو إزدراء الإسلام فقط؟.

السبيل لوأد الفتنة الطائفية هو العدل و المساواة التامة بين المسلم والمسيحى والبهائى واللادينى. الحياد التام للدولة ومؤسساتها أمام كل مواطنيها هو السبيل للخروج من الإحتقان. قوانين إزدراء الأديان لن تنجح فى تهدئة النفوس ولن تحصن الأديان ضد النقد والسخرية. بل إن رصانة أصحاب الأديان وهدوء رد فعلهم على النقد بل وعلى السخرية هو الذى سيجعل من ينتقدون ويسخرون يخففون من حدة نقدهم وسخريتهم.على المؤمنين أن يتعلموا أن من حقهم أن يعتقدوا ما يشاؤون، ولكن ليس من حقهم أن يتوقعوا أن يحترم العالم كله ما يعتقدون، وأن هذا الإحترام لا يمكن أن يأتى بالترهيب بل بالأفعال التى تجلب الاحترام، ولعل أزمة الرسوم المسيئة للرسول فى الدنمارك وأزمة الفيلم المسئ فى الولايات المتحدة أوضحت لنا أن رد الفعل الغاضب للمسلمين حول العالم أساء للإسلام أكثر من الرسوم والفيلم اللذان لم يكونا ليحظيان باهتمام العالم كله لولا موجة الغضب الهائلة التى اجتاحت بلاد المسلمين.

تضامن مع باسم يوسف ولكن لا تنسى بيشوى.. فالحرية لا تتجزأ.. ولو سكتّ اليوم سيكون الدور عليك غداً، فالفاشية تستقوى دائماً بمشاعر الجماهير الغاضبة. ولا تصفق لقانون ازدراء الأديان لأنه لن يفيد دينك بشئ بل سيفيد فقط من يتاجرون به لأنه يساعدهم على إسكات معارضيهم».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق