اخر الاخبار

25‏/08‏/2013

إنهم يكتبونني بقلم بﻻل فضل

ـ «أطراف الصراع كلها قادتنا إلى هذا المستنقع الدامى الذى نخوض فيه الآن، كأن مصر على موعد دائم مع الخطأ، وكأنه لا يوجد مسار صالح، لا خريطة المستقبل، ولا المشروع الذى يطلق عليه الإسلامى، ولا الخطط الباهتة للجماعة الوطنية. نحن الآن فى حاجة إلى وقت للهدوء ومراجعة النفس، كفانا مذابح، لا نريد أن نفقد إنسانيتنا جميعا، كلنا كنا نعرف أن هذه المذبحة قادمة، ولم يبذل أحد جهدا حقيقيا لتجنبها، الجميع استمروا فى التصعيد، وكأنه لا يوجد غد نتعايش فيه معا، ولا حدود نتوقف عندها، شعب يسعى بكل طوائفه للانتحار، الوادى الضيق الذى كان يضمنا جميعا أصيب بشروخ آخذة فى الاتساع، والخوف أن تتحول إلى أخاديد غائرة، بالطبع توجد مؤامرة ولكن المتآمرين هم نحن، ومصر مستهدفة، ولكن نحن الذين نستهدف بعضنا البعض.
 
... لقد كان القيام بعزل رئيس منتخب مخاطرة كبرى، وكان على الشعب أن يتحملها وحده، ولكن الجيش أراد أن يختصر علينا الطريق، وأراد أيضا أن ينهى صراعه المحتدم مع الرئيس الإخوانى فى ضربة واحدة، ورغم أنه قدم خارطة للمستقبل تتضمن عودة الديمقراطية بصورة أو بأخرى، فإنه حدد طريقا طويلا ومحفوفا بالمخاطر، كان عليه أن يضع شباب الثورة فى
مقدمة الصورة ويتنحى عن مشهد السلطة فى أقرب فرصة، أن تكون مهمته الأولى هى أن يدعو لانتخابات عاجلة تأتى برئيس منتخب، ويترك له مهمة تعديل الدستور والمصالحة الوطنية مع بقية القوى حتى يقيم الانتخابات التشريعية ولكن العسكر سلكوا طريقا عكسيا مليئا بالشبهات، جاؤوا برئيس غير منتخب، وحكومة لا تنتمى للثورة، ولجنة من المحترفين، ثم توجوا هذا كله بمذبحة هائلة، ليؤكدوا أمام العالم أنه مجرد انقلاب عسكرى، يحاول أن يقصى فريقا عن السلطة بطريقة دموية، ولكن من الإنصاف أن نقول إن هذه لم تكن خطيئة الجيش وحده، ولكن هناك أغلبية طاغية فى الشارع المصرى كانت تطالب بها وتحرض عليها، وكانت تصرفات وتصريحات قيادات الإخوان المسلمين تغذيها وتمدها بالمبررات اللازمة، أى أننا جميعا الآن شركاء فى هذه المذبحة، حتى الذين لاذوا بمنازلهم وفضلوا الصمت، فكلنا كان يعلم، والجيش أولنا، أن لدينا جهاز شرطة غير كفء، تحركه دوافع الحنق والرغبة فى الانتقام، ولم ينجح أبدا فى فك أى اعتصام دون أن يقوم بمذبحة، فهو يأخذ أى تفويض فى المطلق، بعيدا عن أى التزام قانونى، وعن قواعد الاشتباك المتعارف عليها، وهو لا يسوغ جرائمه إلا فى مؤتمر صحفى هزيل يخرج فيه السيد وزير الداخلية ليعلن أن رجال الشرطة لم يستخدموا السلاح النارى، تتواصل الأكاذيب مهما كان عدد الضحايا، لا يعترف الوزير أبدا بفشله، وأن قواته لا تعرف طريقا غير القتل، وأنه ترك الاعتصام طويلا حتى توسع واستشرى، بالطبع لا أحد راض عما فعله الإخوان المسلمون، ولا ما قاموا به من تخريب، ولكن هل نحن راضون عن أداء هذا الوزير ومقتنعون بأكاذيبه، لقد شوه وجه مصر والثورة وأظهرنا بصورة البلد الهمجى الذى لا يراعى حرمة الروح البشرية.. لم يبق إذن إلا أن نهدأ قليلا، ونردد كلمات التعزية والرثاء، فلنترفع عن الشماتة والتشفى، ولنبك موتانا، فليرحمهم الله جميعا».

مقاطع من مقال مهم بعنوان (فلنبك موتانا) كتبه الروائي الكبير محمد المنسي قنديل ونشرته جريدة التحرير يوم الأربعاء الماضي وكنت أتمنى أن تتسع المساحة لنشره كاملا

ـ «أعرف أنك منذ مدة كففت عن أن تقرأ ماكبث أو غيرها. لم تعد تقرأ غير الكتب التي تثبت لك أنك علي حق وأن كل الآخرين علي خطأ. ولكن احذر يا خالد!.. احذر لأن كل الشرور التي عرفتها في الدنيا خرجت من هذا الكهف المعتم. تبدأ فكرة وتنتهي شرا: أنا على حق ورأيي هو الأفضل. أنا الأفضل إذن فالآخرون علي ضلال. أنا الأفضل لأني شعب الله المختار والآخرون أغيار. الأفضل لأني من أبناء الرب المغفورة خطاياهم والآخرون هراطقة. الأفضل لأني شيعي والآخرون سنة أو لأني سني والآخرون شيعة. الأفضل لأني أبيض والآخرون ملونون أو لأني تقدمي والآخرون رجعيون. وهكذا إلى ما لا نهاية»

الروائي الكبير بهاء طاهر من روايته الرائعة (الحُب في المنفى)

ـ «الصحفي الأمريكي الاستقصائي الأشهر آي إف ستون قال لطلابه ذات مرة «إن كنتم تريدون أن تصبحوا صحافيين متميزين يجب ان تتذكروا فقط كلمتين سهلتين «الحكومات تكذب» ليس فقط الحكومة الأمريكية ولكن بصفة عامة كل الحكومات تكذب»، قد يبدو هذا مثل بيان فوضوي ولكن الفوضويون هنا محقون، إنهم على صواب عندما ينزعون إلى الريبة والشك بخصوص أولئك الممسكين بالسلطة الرسمية، وذلك لأن هؤلاء المسئولين يميلون في الغالب إلى الكذب من أجل مواصلة البقاء في السلطة... من واجب المبدع أن يسمو ويتعالى ليفكر خارج حدود الفكر المسموح ومن ثم يتجرأ ليقول أشياء لا يستطيع قولها الآخرون. لقد تجرأ مارك توين على قول أمور لم يكن الكثيرون في البلد يقدرون على قولها، وبالطبع على الفور تم الطعن في وطنيته، فور أن تتحدث خارج الحدود المرسومة من السلطة وفور قولك أشياء تخالف ماتقوله المؤسسة والإعلام والمفكرون الكبار فإن التساؤل والطعن يبرز في وطنيتك فورا. إذا كان هناك أي شيئ ينبغي للمبدع تحقيقه فهو الأمانة، يجب أن نمتلك القدرة لفحص أنفسنا ولفحص بلدنا بأمانة ووضوح، وتماما بطريقة فحصنا للأشياء المروعة نفسها التي يفعلها الناس في أماكن أخرى، يجب أن نكون مستعدين لفحص الأشياء الفظيعة التي تفعلها حكومتنا هنا. الشيئ الواجب علينا كمبدعين سواءا كنا نكتب او ننتج أفلاما أو نخرج أفلاما أو نعزف موسيقى أو نمثل أو مهما كان دورنا، يجب ألا يكون فقط أن نجعل الناس يشعرون بالسعادة والإلهام، ولكن أيضا أن نعلم جيلا جديدا أهمية تغيير العالم».

المؤرخ الأمريكي البارز هوارد زن من كتابه الرائع (قصص لا ترويها هوليود مطلقا) ترجمة حمد العيسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق